Get Mystery Box with random crypto!

اعترافات نسوية سابقة (الجزء الثاني): النساء، الثقافة والإسلام: | السبيل

اعترافات نسوية سابقة (الجزء الثاني): النساء، الثقافة والإسلام:

-
المقال بقلم: Umm Khalid، ترجمة: كوثر الفراوي، تحرير: تسنيم راجح
-

- النساء في الثقافة المصرية:

كبرت واحدة بين خمس إخوة وأخوات: أربعة فتيات وواحد ذكر، في مصر وجدت أن الناس يجدون الحظوة لمن رزقه الله إبناً، حتى إن الواحد منهم يتلهف لينجب ولو ابناً واحداً ذكراً على الأقل، أما الفتيات..فدعك من سيرتهن!

علاوة على ذلك، سمعت لهم أقوالاً كثيرة في المسلسلات والأفلام تحط من قدر المرأة، أو تقحمها في أقوال مسخّفةٍ لدورها من قبيل"ده كلام نسوان" و"ده شغل نسوان"...في إشارة إلى نزع الجدية والمصداقية عنها، على خلاف الحوارات التي تتخللها تعابير تشيد بالرجل وتمنح كل ما يقوم به منزلة رفيعة وموثوقة مثل: "كلام رجالة”، أي أنه جاد وجازم ومفيد..
في المرحلة الثانوية على وجه التحديد، كنت قد بدأت ألاحظ وأدقق في هذا النوع من الخطابات داخل المجتمع الذي أنحدر منه..


- النساء في الثقافة الأمريكية:

ما سأقوله ليس مأخوذاً من التلفاز أو الأفلام الأمريكية إطلاقا! فقد كنت أساساً جزءاً من المشهد الأمريكي و درست هنا في مدرسة حكومية، ومع الوقت وأنا أكبر كنت قد اقتنعت تماما بحقيقة مفادها: أن تكوني أنثى ليس بالأمر الكافي، فكل ما في الذكور أجمل وأفضل، وعلى جميع الأصعدة حتى: فهم يمتلكون جثة ضخمة تضفي عليهم هيبة خاصة، فضلا عن قوتهم البدنية غير العادية، أما على الصعيد العاطفي فهم أكثر استقراراً، وأفكارهم أكثر حزما وصرامة..
المجتمع الأمريكي لم يتوقف لوهلة واحدة عن الهمس لي بأن الفتاة لا تعدو أن تكون مادة جنسية لتحقيق شهوة الرجال ومتعتهم، وبالتأكيد فهي أيضاً ذلك الكائن المسكين الاعتمادي الغبي والبسيط! هذه هي الرسالة التي وصلتني من خلال أغلفة المجلات، كلمات الأغاني، والأحاديث اليومية في المواصلات.. لقد راعني هذا التصوير المنتشر في كل أنحاء العالم غير الإسلامي.

- النساء والتشريعات الإسلامية:

أنا أيضا مثل الكثيرات أصابتني سهام التصورات والأفكار المشوهة والمسمومة المنتشرة التي تؤصل لقاعده مفادها أن الإسلام لا يكترث بالمرأة، بل ينبذها ويهمشها..

لم أُجبر على ارتداء الحجاب، غير أنني وجدت صعوبة وعسراً في فهم الغرض منه، جزءٌ مني اقتنع أن الحجاب ما هو إلا وسيلة لحجب جمالي و جعلي أكثر بشاعة، أو على أقل تقدير سرقة أنوثتي..
احياناً كنت أذهب أحياناً إلى الجانب الفكري الآخر القصي عن هذا التصور؛ كنت أقول لربما وعلى العكس هو علامة أنوثتي، مادامت النساء هن المطالبات فقط بوضعه على وجه التحديد، في الواقع لم تكن عندي فكرة واضحة المعالم عما تعنيه الأنوثة اساساً، لم أعلم إن كانت أمرا جميلا أم قبيحا؟؟

أفكار مشوشة، وعلامات استفهام كثيرة تربو بداخلي شيئاً فشيئاً، لماذا تميز التشريعات الاسلامية بين الرجال والنساء على هذا الشكل؟
بالنسبة لي لم يكن الأمر محايداً، وانما كان مشبعاً بترجيح كفة أحد الجنسين على الآخر، فالذكور كانت لهم تشريعات خاصة تذكيهم وترفعهم، على خلال الإناث اللواتي تُركن للحيرة والفُتات!

وهكذا، بنيتُ تصوري حول وضع المرأة في الإسلام على مجموعة فرضيات، استقيتها من بعض الأحكام الخاصة بالنساء مثل الحجاب، إمامة الرجال لهن والزامهن بالوقوف وراءهم، طبيعة الاختلاط بينهما وضوابطه التي كانت في نظري تؤكد ما افترضته وتوصلت إليه، أن الإسلام يعطي المرأة مكانة أدنى من شقيقها الرجل، وبدا لي الأمر حينها تعبيراً صريحاً لا يختلف عن الذي تلقيته بصوت عال وفصيح من قِبل الثقافتين المصرية والأمريكية، والذي يقول: الرجال جيدون، والنساء سيئات!

معظم اليافعين يملكون فهماً ضيقاً وحدياً عن العدالة، وبالنسبة لي هذه الفوارق التي اتخذت من الاختلاف في الجنس منطلقا لها لم تكن تتناسب البتة مع ما تعلمته في الثانوية الأمريكية عن العدالة، فالعدالة والمساواة هما مفهومان يساوي أحدهما الآخر: (المساواة=العدل)! أليس كذلك؟ فهل من العدالة في شيئ عدم مساواة الاسلام بين الذكر والأنثى؟ أين هو العدل؟ لم أعد أفهم..


أبي، ذاك الرجل الطيب الصبور، تحمّل كثيراً من الخطابات الحانقة التي صدرت عني في تلك اليافعة الممتعضة في سن الخامسة عشرة، ومع أن أسىلتي كانت كثيرة ومكررة على نحو مزعج، إلا أنه لم يسخِّفها قط، إنما تعامل معها بمنتهى اللطف والأناة ولم يتركني لحبائل التساؤلات تخنقني..

أسئلة سريعة ومشحونة بالاتهام على شاكلة: لماذا على النساء ارتداء الحجاب دوناً عن الرجال؟ لم يكن الإنزعاج من وضعه هو مثار سؤالي بقدر ما كنت اريد أن أراه يغطي رؤوس الذكور وهم يذهبون به أيضا إلى المدارس في هيئة غريبة!

لماذا نصيب النساء من الإرث يعدل فقط نصف حصة الرجال؟ أليس في هذا إشارة إلى ازدراء الأنثى وجعلها أقل قدرا من الذكر؟!
(يتبع)