Get Mystery Box with random crypto!

هل ذكر الله يومياً ضروري ؟ وما الحكمة وهو الغني عنّا سبحانه؟ | السبيل

هل ذكر الله يومياً ضروري ؟ وما الحكمة وهو الغني عنّا سبحانه؟

من تجربتي

لو سألتني من عدة سنوات عن رأيي في التسبيح ١٠٠ مرة ،وذكر هذا الدعاء ثلاثاً وذلك سبعاً
لقلت مستهزئةً : لو كان الله يريد ذلك بنا لخلقنا ببغاوات، لكن الأصل أن نعمل ونتفكر بالكلام!

وفعلاً بقيت على هذا الرأي، متجاهلة ومتكبرةً على عبادة البسطاء (كنت أرى هذا الفعل من النساء البسيطات في مجتمعنا ، اللاتي لم يدخلن مدارساً ولا جامعات ، وعند كل مصيبة يبدأن بالتسبيح والذكر على الألفية) ظانةً نفسي على قدرٍ أعلى من الفهم والقرب من الله !

المهم ضاع الذكر، وضعت معه ، قال تعالى في سورة طه : "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً"

بعيداً قليلاً عن حياتي

ولنتأمل للحظات عقلنا الرائع العظيم، الذي نكاد نقدسه ونبجله هذه الأيام في عصر العلم والمنجزات والاختراعات،
هذا العقل نفسه إن سمع أغنية أو جملتين مقفاتين، راح يرددها باللاوعي بشكل تخجل منه الببغاوات
ومن يمنع نفسه تماماً عن سماع الأغاني ويحرص على اجتنابها،

هل جربت أن تجالس شخصاً متحدثاً لمدة ساعة على الأقل، وإن كان لدى هذا الشخص كلمة معينة يعيدها بين الكلمات (عادة عند معظم البشر ) فأراهنك أنك في نفس اليوم( ودون وعي منك )ستبدأ استخدام كلمته، إن لم يكن معه، فمع أول شخص ستقابله من بعده !!

وتكثر الأمثلة عن هذا الأمر

فأظن أننا نكاد نتفق أن العقل وعاء، وهذا الوعاء يعمل بوعينا وبلا وعينا ، بإذن مننا، وأغلب الأحيان دون إذن!

اسأل مجرب ولا تسأل حكيم

وكلامي وما أكتب على الفيسبوك أو مع المقربين من أحاديث شخصية، كله نابع من تجارب صادقة فيها المؤلم وفيها النافع ..

وكمجربة للوحدة ( الوحدة التي تجعلك تعيش فرحة غامرة ولا تجد من يبتسم لك ويهنؤك عليها ، أو حزناً مؤلماً دون وجود من يشعر بك ويواسيك ) أقول لكم:

عشت وحدة طويلة في ال ٢٠١٦ دامت سنتين
عرفت فيها قوة الكلام ، ومعناه ، وكيفية استخدامه،
مدى تأثيره، وكيف بإمكان بضع كلمات أن يرفعوا الإنسان، وكلمة واحدة أن تسقطه، والأهم من كل هذا هو حاجتنا له ولممارسته مع من يحسنون الاستماع.

لكن لم أعرف المعلومة الأخطر إلا في نهاية ال٢٠١٩

حين مررت بظرف صعب قاسي، كدت خلاله أفقد توازني، لولا أن أشارت علي إحدى المقربات بالمواظبة على قراءة سورة البقرة يومياً، لأربعين يوم !

القراءة كانت بصوت خافت (لكن ليست سرية في القلب ) يعني هناك كلام يخرج
وسورة البقرة طويلة ، تأخذ حوالي ساعتين ونصف (إن أعطيت الكلام حقه )

بعد عدة أيام من الالتزام ، لاحظت وكنتيجة جانبية
أنني لا أستطيع الكلام مع أحد، فعلياً لا طاقة لدي، استهلكتني سورة البقرة والساعتين والنصف من القراءة.

وبعد أن انتهت الفترة المحددة وأوقفت القراءة، تشكل عندي فراغ وصار الكلام الذي كان يُستنفذ في الساعتين ونصف مكدّساً بداخلي، خانقاً يلزمه أن أضيعه بالثرثرة مع إحدى أفراد العائلة على الهاتف تارة، أو مع الصديقات المقربات.. ليذهب عني شعور الضيق والحاجة للكلام

الأمر يشبه كثيراً الطاقة في الجسد، إن لم تحرقها بالحركة والرياضة، تكدست وتحولت شحوماً ودهوناً متعبة لجسدك ونفسك

مما سبق وبربط سريع بين الحدثين نجد أن العقل وعاء اسفنجي، قادر على امتصاص وجذب كل ما من شأنك أن تعرضه له، دون أي فلترة، فأنت وضميرك هما من يحددان نوعية الغذاء والأفكار الداخلة.
ولدينا طاقة يومية وحاجة ملحّة للكلام وإخراج كل ما قام العقل بتحليله وهضمه، سواءً على هيئة ثرثرة وكلام فارغ أو كلام موزون متناسق، أو حتى كتب ومؤلفات (الكتابة هي الصورة الأكمل لمنتجات العقل)

والله سبحانه وتعالى هو خالق هذه الأجساد وواضع قوانينها وحاجاتها وعندما أمرنا بالذكر والانشغال به صباحاً ومساءً فلأنه أعلم وأدرى بنا وهو من خلقنا وصوّرنا وفصّل تركيباتنا المعقّدة بنقاط ضعفها وقوتها

وقال في كتابه الكريم في سورة طه:
"فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ ءَانَآئِ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ"

لعلك ترضى! ربنا الكريم جعل رضانا نحن هي النتيجة لذكره!

أي قانون أرضي يضمن لك السعادة والرضى عند ذكر محاسن غيرك ومناقبه باستمرار وإن كانت بينك وبين نفسك؟ والله لا نُحصّل إلا الغيرة في أحسن أحوالنا.

ومع الرضى وُعدنا الأجر الكريم والمرتبة العالية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :‏ ‏"‏من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏من قال سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر‏"‏ ‏(‌‏(‏متفق عليه‏)‌‏)‌‏.‏