Get Mystery Box with random crypto!

استيراد الجاهليات.. بين الماضي والحاضر كان معظم العرب يعبدون | السبيل

استيراد الجاهليات.. بين الماضي والحاضر

كان معظم العرب يعبدون الله وحده على دين إسماعيل عليه السلام إلى أن جاء عمرو بن لُحيّ، وهو الذي نشأ على أمر عظيمٍ من المعروف والصدقة والحرص على أمور الدّين حتّى أحبّه الناس، ودانوا له ظنّاً منهم أنه من أكابر العلماء..

ثم إنه سار إلى الشام، فرآهم يعبدون الأوثان، فاستحسن ذلك وظنّه حقّاً لأن الشام محلّ الرسل والكتب، فرجع بهُبل، وجعله في جوف الكعبة، ودعا أهل مكة إلى الشرك بالله فأجابوه، ثم ما لبث أهل الحجاز أن تبعوهم لأنهم ولاة البيت وأهل الحرم. (محمد بن عبد الوهاب، مختصر سيرة الرسول)

كان عمرو رجلاً بسيطا من قبيلة تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، لكنه كان منهزماً خانعاً بهويته، رأى الغرباء فظنهم خيراً منه بمدنهم وتقدّمهم الظاهر، وربط ذاك كله بالحجارة التي ينحنون لها ويسألونها ويهدونها بكل سذاجة!

لم يعلم أنّ أهل المدينة بحاجة لما عنده من العلم ونور التوحيد، وأنّ ما هم فرحون به لا يرفعهم عند الله شيئاً، إنما أعمت بصيرته أوهام الحضارة وخرافات صيتها الحسن المنتشر، فانبهر بالأبنية والقصور ورأى معها الأصنام تعبد من دون الله، فافتتن بها وكان عليه وزر كل من تبعه في عبادتها، فما نال الخير الذي أراد بتقليد أهل الشام في الدنيا، وخسر الخسران المبين بما ضلّ وأضلّ في الاخرة..

وكم من أحفاد عمرو بن لحي بيننا اليوم..

ينظرون إلى الغرب بعين المعظّم الذي أعماه ضوء المدن وأفقده رشده صخبها، لا يرون فيهم إلا التقدم والتطور والمثالية الفاضلة، ومن ثمّ يسعون جاهدين لأخذ أي قطعة من حياتهم، سواء كانت فيلماً هوليوودياً أو عنواناً نسوياً أو بضع قوانين علمانية، ثم يقحمونها في بلادهم وثقافتهم ظناً أنهم بذلك لحقوا بالركب المشرّف..

و لا الصنم يناسب البيئة الجديدة ولا مستورده ينتفع بجهده شيئاً، والناس يتّبعون القويّ ويقلّدونه بلا تعقّل ولا وعي كما تبع أهل مكة عمرو، وكما تبعهم بعدها باقي العرب.

ولنا في مصير عمرو بن لحي ما يكفي من العظة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ عامِرٍ الخُزاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النَّارِ. (رواه البخاري)

تسنيم راجح