إنّ أكبر جناية يجنيها المرء على نفسه أن يقصر نظره على الدنيا، | السبيل
إنّ أكبر جناية يجنيها المرء على نفسه أن يقصر نظره على الدنيا، فلا يرى ما بعدها، فيطول أسفه لأشياء لا يجب أن يأسف عليها، ويكثر همه بنواحٍ ما كان له أن يلتفت إليها، ويُذهب نفسه حسرات بين هذه وتلك ويكأن هذه دار الخلود!
لذا لا تكن ممن يؤمنون بالبعث قولًا دون اعتقاد، فتكون غاية آمالهم هي لحظة الموت، ويكأن ما يتبعها فناء، فيسعى لتحصيل كل ملذات الدنيا حتى لا يفوته شيء! والحقُ أنه فاته كل شيء.
واعلم أنّ الاغتمام والاهتمام من ضرائب هذه الحياة، ففي كل الأحوال لا مناصَ لك منها، ولكن ما عليك فعله هو أن تختار ما به تغتم وما له تهتم.
وهذه ليست دعوة لزهد الغلاة الذين لا يعرفون طبيعة سِجال الحق والباطل الذي لا يصلح فيه سوى التدافع، وأن هذا التدافع يبدأ من النفس وينطلق إلى الحياة، فلا يليق بالمؤمن أن يترك ما يمكن أن يعينه على التدافع، بل يجعل هذا ما به يغتم وله يهتم، ويكون زهده زهد الأقوياء الذين طوّعوا أنفسهم لخوض غمار هذه الحياة، ولنجعل شعارنا ﴿وَٱبۡتَغِ فِیمَاۤ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِیبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡیَاۖ وَأَحۡسِن كَمَاۤ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِی ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ﴾ [القصص ٧٧]..،،
