2017-03-15 18:39:31
له تعالى من الكرامات في حفظ هذه السيدة الطاهرة العفيفة ما يبهر العقول، يقول الله سبحانه:{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}سورة ءال عمران.
كان نبي الله زكريا عليه السلام إذا دخل على مريم عليها السلام في المحراب وهو معبدها الذي تعبد فيه الله تعالى وهو سيد المجالس وأشرفها في المسجد يجد عندها من الرزق وهو الفاكهة ما لا يوجد مثله في البلد أو عند سائر الناس، فقد كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذه من الكرامات التي يُكرم الله تعالى بها أولياءه الأولياء والوليّات.
وقد كانت السيدة الجليلة مريم عليها السلام من الصالحات العابدات تقوم بالعبادة ليلها ونهارها، حتى صارت يُضرب بها المثل بالعبادة والطاعة في بني إسرائيل، ولقد اشتهرت هذه السيدة الطاهرة العفيفة بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة.
دعاء زكريا عليه السلام ربه وسؤاله الولد في حال كبره
كان نبي الله زكريا عليه السلام قد تقدمت به السن وانتشر الشيب في رأسه وبلغ من الكبر عتيًا، وكانت امرأته عاقرًا لا تلد، فلما رأى من ءايات الله الباهرات عاين هذه الآية والكرامة العجيبة من رزق الله تعالى لمريم أم عيسى عليهما السلام الفاكهة في غير حينها، هنالك رغب في الولد على الكِبر، فطلب من ربه أن يرزقه غلامًا تقيًا يرثه في العلم والنبوة ويعلم الناس الخير، يقول الله تبارك وتعالى:{هُنالِكَ دَعَا زكريَّا ربَّهُ قالَ ربِّ هَبْ لي مِن لدُنْكَ ذُرِّيَّةً طيِّبةً إنَّكَ سميعُ الدُّعاء}سورة ءال عمران.
وقال تعالى إخبارًا عنه أيضًا:{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا}سورة مريم، وقيل: المراد بـ”الموالي” العصبة، وكأنه خاف من تصرفهم بعده في بني إسرائيل بما لا يوافق شرع الله تعالى وطاعته.
وقال تعالى إخبارًا عنه أيضًا:{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}سورة مريم، قيل: أي يرثني في العلم والنبوة والحكم في بني إسرائيل، يعني كما كان ءاباؤه وأسلافه من ذرية يعقوب، وليس المراد هاهنا وراثة المال.
وبعدما دعا زكريا عليه السلام ربه أن يرزقه ولدًا صالحًا تقيًا بشره الله تبارك وتعالى بواسطة الملائكة وهو قائم في محراب المسجد يصلي لله تعالى “بيحيى” نبيًا من الصالحين، قال الله عز وجل:{فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ}سورة ءال عمران، وقال تعالى:{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}قيل: أي لم يكن قبله من تَسمى بهذا الاسم.
ولما بُشِّر نبي الله زكريا عليه السلام بالغلام وبتحقيق البشارة شرع يستعلم على وجه التعجب وجود الولد له وليس على وجه الشك في قدرة الله تعالى على ذلك، فالأنبياء كلهم عارفون بالله تعالى ويعلمون يقينًا أن الله عز وجل على كل شيء قدير، قال الله تبارك وتعالى إخبارًا عن نبيه زكريا:{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}سورة مريم، يعني نحول العظم، والمعنى أنه قد كبر وعتا أي عسا عظمه ونحل، وقد قيل: إن زكريا عليه السلام كان عمره ءانذاك تسعًا وتسعين سنة وكان عمر زوجته ثمانيًا وتسعين سنة وكانت عاقرًا لا تلد، وهكذا أجيب زكريا عليه الصلاة والسلام وقال له الملك الذي يوحي إليه بأمر الله ما أخبر الله به في قوله:{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}سورة مريم.
أي أن إيجاد الولد منك ومن زوجتك هذه لا من غيرها هيّن يسير وسهل على الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير.
ثم ذكر له ما هو أعجب مما سأل عنه قال تعالى:{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}أي خلقتك ولم تكن شيئًا مذكورًا أفلا يوجد منك ولد وقد كنت شيئًا مذكورًا، جلّ الله الخالق الذي هو على كل شيء قدير.
ولما بشَّر الملكُ زكريا عليه السلام “بيحيى” عليه السلام نبيًا من الصالحين طلب من الله جل جلاله أن يجعل له علامة على وجود الحمل من امرأته بهذا الولد المُبشر به، قال الله تعالى إخبارًا عن نبيه زكريا عليه السلام:{قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا}سورة مريم.
فاستجاب الله تبارك وتعالى سؤاله
844 views15:39