Get Mystery Box with random crypto!

هل جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا عذرٍ؟ عَنِ ابْنِ عَبَّا | أ.محمود موسى عوض بربخ

هل جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا عذرٍ؟

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ : فَسَأَلْتُ سَعِيدًا ؛ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ : أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ.

الجواب على من يستدل بهذا الحديث على جواز الجمع من غير عذر :

أولاً: منهم من توقف في معناه وقال إنه لا يظهر له معناه‏.‏

ثانياً: وجوه حمل الحديث:

أحدها: أنه جمع لعذر غير هذه الثلاث: إما مرض، وإما دحض في الأسواق على آثار المطر.

قال ابن عباس: "لئلا يحرج أمته"، وتحريجها إما بوجود مطر، أو آثاره من وجود الدحض في الأسواق، أو وباء عام، أضعف الناس، وشق عليه، فلهذا جمع -عليه الصلاة والسلام-

وبهذا يتبين أنه قد جمع لعذر شرعي غير الثلاثة المذكورة؛ كالدحض في الأسواق، أو لمرض عام.

الوجه الثاني: لئلا يحرج أمته بأسباب وقعت في ذلك الوقت من أجلها جمع؛ لأجل ألا يحرجهم، ولم يبين هذا التحريج ما هو، الذي سبب الجمع.

والوجه الثالث: أنه جمع قبل أن تستقر الشريعة في وجوب كل صلاة في وقتها، وعدم جواز الجمع إلا من علة، ثم استقرت الشريعة على أنه لا يجوز الجمع إلا لعلة واضحة من مرض، أو نحوه، أو سفر.

والوجه الرابع: حمله الجمهور على هذا الوجه، فحملوا الجمع المذكور في حديث ابن عباس من قوله وفعله على أنه جمع صوري بأن تؤخر الصلاة الأولى إلى قرب دخول وقت الصلاة الأخرى فتصلى، وبعد الانتهاء منها يدخل وقت الصلاة الثانية، فتصلى في أول وقتها.

وإليك قول الشوكاني:

قال الشوكاني في النيل: [ ومما يدل على تعين حمل حديث الباب على الجمع الصوري ما أخرجه النسائي عن ابن عباس بلفظ: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء.
فهذا ابن عباس راوي حديث الباب قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري.]
ثم ذكر الشوكاني مؤيدات أخرى للجمع الصوري ودفع إيرادات ترد عليه ، من شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى النيل.

قال المباكفوري في تحفة الأحوذي: [وهذا الجواب هو أولى الأجوبة عندي وأقواها وأحسنها، فإنه يحصل به التوفيق والجمع بين مفترق الأحاديث.] انتهى

ختاما: ذهب علماؤنا بلا نزاع على عدم الأخذ بظاهر هذا الحديث، بل عدّ فقهاؤنا ذلك من الكبائر كما نقل ابن حجر في "الزواجر".
- قَالَ الترمذي راوي الحديث فِي آخِرِ كِتَابِهِ: "لَيْسَ فِي كِتَابِي حَدِيثٌ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ
عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ إِلَّا حَدِيثَ ابن عَبَّاسٍ فِي الْجَمْعِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سفر وَحَدِيثَ قَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي حديث شارب الخمر هو كما قاله فَهُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ".

والله -تعالى- أعلى وأعلم.