#فلسفة_الطاقة رقم | ط / ١٤ تاريخ | ٧ / ٨ / ١٤٤٤ هـ • السؤال | | اسأل البيضاء |
#فلسفة_الطاقة
رقم | ط / ١٤ تاريخ | ٧ / ٨ / ١٤٤٤ هـ
• السؤال : السلام عليكم ما حكم المينيماليزم أو ما يسمى التخفف أو التجرد أو التقلل؟ فيه باليوتيوب قنوات عملوا بيوتهم مثل بيوت اليابان قديماً بدون أثاث الأشياء بسيطة جداً وضرورية. ــــــــــــــــــــــــــــــ
• الإجابة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الـ (مينيماليزم) أو (التقليلية) في الأصل حركة فنية انبثقت من المدرسة التجريدية في ستينيات القرن الماضي، وتعتمد على التبسيط وحذف الكثير من التفاصيل وتقديم الأعمال الفنية بأقل عدد من العناصر والألوان.
إلا أنه شاع مؤخراً استخدام الـ (مينيماليزم) كنمط أو أسلوب حياة يهدف إلى تبسيط الحياة والتخلص من الأشياء الزائدة وغير الضرورية، ومحاربة الاستهلاكية التي تدفع الإنسان إلى اقتناء ما لا يحتاجه. ويطبّق هذا النمط على أسلوب المعيشة، واللباس، وإدارة الوقت، والهندسة المعمارية والتكنولوجيا، وحتى العلاقات الإنسانية.
ويُربط أحياناً بين هذا الأسلوب وبين الفلسفات الشرقية القديمة كالطاوية والبوذية، كما يربط بينه وبين بعض التطبيقات المعاصرة للفلسفة كـ (الفونغ شوي).
لمعرفة ما يخص الـ (فونغ شوي): مرفق ١ | اضغط هنا مرفق ٢ | اضغط هنا
وقد تعرضت حركة الـ (مينيماليزم)، لانتقادات كثيرة من أبرزها: أن هذه الحركة وقعت في التناقض؛ ففي حين أنها نادت باتباع أسلوب (التبسيط) في الحياة رفعت في المقابل شعارات الجودة والكفاءة، مما أدى إلى ظهور خط إنتاجي استهلاكي خاص تندرج تحته العديد من المنتجات السوقية المناسبة لهذا النمط المعيشي. فأصبح نمط الحياة "البسيطة" مكلفٌ أيضاً بخلاف ما تدعو له هذه الحركة من الترشيد والتقليل، بالتالي لايستطيع كل أحد اعتماد هذا الأسلوب، فمن يستطيع العيش وفق تعاليم وقواعد الـ (مينيماليزم) هم من تتوفر لديهم قدرة مالية تسمح لهم بالاختيار.
أما من الناحية الشرعية فالأمر على التفصيل:
⁃ إذا تم ربط هذا النمط المعيشي بالفلسفة الشرقية فإنه لا يجوز استخدامه؛ حيث إن فلسفته التي يقوم عليها أعمق بكثير من سطحية الفكرة المطروحة، فأصل الدعوة إلى التقلل والتجرد من كل ما هو مادي حتى من الرغبات النفسية والجسدية؛ يهدف في الفلسفات الشرقية إلى تحرير النفس من مادية الجسد للوصول إلى التحرر والانعتاق واكتشاف الذات الحقيقية، وذلك سعياً إلى التوحد مع المطلق أو الإله وفق عقيدة وحدة الوجود الكفرية التي قامت عليها تلك الفلسفات.
⁃ إذا لم يربط بالجانب الفلسفي؛ فإنه عبارة عن نتاج أفكار بشرية واجتهادات إنسانية، يعتريها النقص والخلل وليس فيه ابتكار خارق أو تميز باهر، بل على العكس، وما حصده من انتقادات يبرز جانب التناقض والنقص والخلل فيه.
وهذا لا يشمل ما يتضمنه النمط من أمور صحيحة مشتركة مثل ترشيد الاستهلاك، والحد من التبذير والإسراف، أو رفض الكفاءة والجودة؛ بل إن هذه المبادئ السليمة مطلوبة شرعًا ويأخذها المسلم من مصادرها الصحيحة، فهي غير محصورة في هذا النظام الذي نشأ في بلاد تعتبر فلسفتها الدينية نظام حياة لها، ولا تزال تنشر تعاليمه عبر ما يتاح من وسائل.
ولدينا من التشريع الرباني والنهج السماوي الكامل الذي أنزله خالق البشر سبحانه الذي هو أعلم بما يصلح لهم أمر دينهم ودنياهم وعاقبة أمرهم، فهو سبحانه الذي أكمل الدين ورضيه لنا إلى قيام الساعة، فقال سبحانه:{اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا}. فهذا الدين تشريع متكامل ونهج حياة لم يدع لنا صغيرة ولا كبيرة تصلح شأننا وحياتنا وتضبط لنا علاقاتنا إلا وضحها وبينها أتم توضيح وبيان.
ولا أجد حاجة لنا لعقد مقارنة بين هذه الأساليب وبين ما في ديننا من الأمر بعدم الإسراف أو التبذير، أو الزهد في الدنيا والتقلل من متاعها، فذلك نتاج فكر بشري قاصر وهذا نهج رباني متكامل ينبغي أن يُصان عن مثل هذه المقارنات.
وحقيقةً مما يعجب له المرء، بل مما يؤسف له أنّ مثل هذه المعاني هي من أساسيات ديننا الحنيف، ولا يفطن لها بعض المسلمين ولا تبرز قيمتها إلا إذا روج لها من قبل الغرب والثقافات الأخرى! فيسعى المسلم لتطبيقها لمجرد أنها ثقافة عصرية سائدة أو أسلوب جديد!
