Get Mystery Box with random crypto!

'انتظرها' 'في الانتظار يصيبني هوس' 'لن تأتِ' كان محمود دروي | عَـذراء || 💙

"انتظرها"
"في الانتظار يصيبني هوس"
"لن تأتِ"

كان محمود درويش في حفلة في بيت صديق له، ورأى امرأة أعجبته ولكنه لم يتحدث معها، وبعد فترة قرر درويش أن يستضيف صديقه و كل من كان في ذلك اليوم المشهود، وأكد على صديقه أن كل من كان في ذلك اليوم فهو مدعو للحفلة في بيت درويش، ويوم الحفلة جاء الكل ماعدا هذه المرأة، فقرر درويش أن ينظم حفلة أخرى لعلها تأتي ولكنها أيضا لم تأتِ!
 استمر هذا الوضع لمدة سنة، في خلال هذه الفترة كتب درويش قصيدة "في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة".

ومرت سنة وكان درويش يزور صديقه بالصدفة، فوجدها ضيفة هذا الصديق أيضا، وكان هذا هو اللقاء الثاني و بداية قصة حب تطورت لزواج...كان هذا هو الزواج الثاني في منتصف الثمانينات من المترجمة المصرية "حياة الهيني"


بكوب الشراب المرصع باللازورد انتظرها
على بركة الماء.. حول السماء وعطر الكولونيا انتظرها
بصبر الحصان المعد لمنحدرات الجبال انتظرها
بذوق الأمير الرفيع البديع انتظرها
بسبع وسائد محشوة بالسحاب انتظرها
بنار البخور النسائي ملء المكان انتظرها
برائحة الصندل الذكرية حول الخيول انتظرها
ولا تتعجل فإن أقبلت بعد موعدها فانتظرها
وإن أقبلت قبل موعدها فانتظرها
ولا تجفل الطير فو جدائلها وانتظرها
لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها وانتظرها
لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة وانتظرها
وخذها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً في الحليب
وانتظرها وقدم لها الماء قبل النبيذ
ولا تتطلع إلى ثوأمي حجل نائمين على صدرها
وانتظرها ومس على مهل يدها عندما تضع الكأس فوق الرخام
كأنك تحمل عنها الندى وانتظرها
تحدث إليها كما يتحدث نايٌ إلى وترٍ خائفٍ في الكمان
كأنكما شاهدان على ما يعد غدٌ لكما وانتظرها
إلى أن يقول لك الليل لم يبقى غيركما في الوجود
فخذها إلى موتك المشتهى وانتظرها
----------
في الانتظار يصيبني هوس
برصد الاحتمالات الكثيرة
ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار
فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول
فانقطعت شهيتها وقالت لا نصيب له من المطر الخفيف
وربما انشغلت بأمر طارئ أو رحلة نحو الجنوب
لكي تزور الشمس واتصلت ولكن لم تجدني في الصباح
فقد خرجت لأشتري جاردينيا لمسائنا وزجاجتين من النبيذ
وربما اختلفت مع الزوج القديم على شؤون الذكريات
فأقسمت أن لا ترى رجلاً يهددها بصنع الذكريات
وربما اصدمت بتكسي في الطريق إلي
فانطفأت كواكب في مجرتها وما زالت تعالج بالمهدئ والنعاس
وربما نظرت إلى المرآة قبل خروجها من نفسها
وتحسست الجاصتين كبيرتين تموجان حريرها
فتنهدت وترددت: “هل يستحق أنوثتي أحدٌ سواي؟!”
وربما عبرت مصادفةً بحبٍ سابقٍ لم تشفً منه فرافقته إلى العشاء
وربما ماتت! فالموت يعشق فجأةً مثلي.. إن الموت مثلي لا يحب الانتظار
-------

لم تأتِ.. قلت: “ولن”.. إذن سأعيد ترتيب المساء بما يليق بخيبتي وغيابها
أطفأت نار الشموع.. أشعلت نور الكهرباء.. شربت كأس نبيذها وكسرته
بدلت موسيقى الكمنجات السريعة بالأغاني الفارسية
قلت: “لن تأتِ”.. سأنضو ربطة العنق الأنيقة.. هكذا أرتاح أكثر
أرتدي بيجامةً زرقاء.. أمشي حافياً لو شئت..
أجلس بارتخاء القرفصاء على أريكتها فأنساها وأنسى كل أشياء الغياب
أعدت ما أعددت من أدوات حفلتنا إلى أدراجها.. وفتحت كل نوافذي وستائري..
لا سر في جسدي أمام الليل إلا ما انتظرت وما خسرت
سخرت من هوسي بتنظيف الهواء لأجلها.. عطرته برذاذ ماء الورد والليمون
لن تأتِ.. سأنقل زهرة الأوركيد من جهة اليمين إلى اليسار لكي أعاقبها على نسيانها
غطيت مرآة الجدار بمعطفٍ كي لا أرى إشعاع صورتها وأندم
قلت: “أنسى ما اقتبست لها من الغزل القديم لأنها لا تستحق قصيدةً حتى ولو مسروقةً”
ونسيتها وأكلت وجبتي السريعة واقفاً وقرأت فصلاً من كتابٍ مدرسيٍ عن كواكبنا البعيدة
وكتبت كي أنسى إساءتها قصيدة.. هذه القصيدة