2022-06-06 05:25:33
هَواكِ مَكينٌ ما لِسُلطانِهِ قَهْرُ
بِعَظْمِيَ لا بِالجِلْدِ مِن وَشْمِهِ الحَفْرُ
تَرَسَّخَ حَتَّى ظُنَّ أَنِّيَ بَعْضُهُ
وَإِنّي لَبَعْضٌ مِنْهُ لَو مُحِّصَ الأَمْرُ
فَيا رامِيًا للدَّلوِ يَبْغي قَرارَهُ
رَمَيْتَ بَبَئْرٍ ما لَها لِلحَصى قَعْرُ
ومَا أنا ممن أسْلَسَ القَوْد ، إنَّما
أُدافعُ أمرًا دونَ طاقَتِه السِّحْرُ
يَقولونَ إِنَّ الوَصْلَ مَقْبَرَةُ الهَوى
فَقُلْتُ إِذن ما لي بِوَصْلي وما قَبْرُ
هُوَ الشَّوْقُ عاتٍ في الوِصالِ وفي
النوى خِياران لِي ماضٍ بِأَيِّهِما الجَبْرُ
وأَنَّى يَهونُ الوِد وَالقَلْبُ لَو قَضى
بِنِسْيانِ عَهْدِ الوِدْ سِلْوانُهُ الذِكْرُ
سُنونُ لَنا فيها مَلاعِبُ قَدْ خَلَتْ
وَلَمْ يَخْلُ بِالتِّذْكارِ مِنْ رَوضِها العِطْرُ
عَلَى مَرِّها عِشْنا مَريرَ تَجارِبٍ
وَحَسْبُكِ بَعْدَ الشَّيْبِ أَنْ يَحْلُوَ المُرُّ
يَحِّنُّ لها رَسْمٌ بِهِ كُنْتِ طِفْلَةً
يُداري هَواها ما استَطاع فَتىً غِرُّ
فكُنتِ لهُ أُمًا وأُختًا وزوجَةً
يُخاطُ له في العيبِ من صَونِهَا زَرُّ !
كَطَيْرَينِ فِي عُشِّ يُقَلِّبُ شَملَنَا
عَلَى خَيبَةٍ عُسْرٌ وَفِي أَمَلٍ يُسرُ
تُجَمِّلُ دُنْيانا خَلائِقُ سَهْلَةٌ
تَبَسُّمُنا فيها لِأَخْطاءِنا عُذْرُ
زَمانٌ قَضَيْتُ العُمْرَ في الأَرْضِ قاصِداً
لَهُ سَفَراً لَو جازَ بالزَّمَنِ السَّفْرُ
وَقَفْتُ عَلى دَارٍ بِها كان ضَمَّنا
وما خِلتُ في الأَطْلالِ يُخْتَزَلُ العُمْرُ
فَلولاهُ بُكْمٌ في الجَمادِ لَقُلْتُ قَدْ
تَجاذَبَ أَطْرافَ الحَديثِ بِها الصَّخْرُ
رُسومٌ تَراها النَّاسُ غَيْري حِجارَةً
وَأُبْصِرُها كُتْباً تَعَفَّى بِها السَطْرُ
بَكَيْتُ بِها دَهْري وَما الدَّهْرُ بُغْيَتي
مَعاذُكِ، بَل ما زانَ في حينِهِ الدَّهْرُ
وَفاءً لِعَهْدٍ كُلَّما ازدادَ قِدْمُهُ
تَجَدَّدَ بي وَازدادَ مِنْ شَأْنِكِ القَدرُ
فَلَسْتُ الّذي يُنْسيهِ ماضيهِ ما أَتى
ولَسْتُ الّذي تُغْويهِ في الدِّمَنِ الخُضْرُ
ولكِن هُما أَمْرانِ يُجْمَعُ فيهِما
مَحاسِنُ حَوَّاءٍ حَياؤُكِ والسِّتْرُ
فيالِ أيادٍ قَمَّطَتْكِ رَضيعَةً
فقدْ كَبَّلَتْ صَبَّاً غدا عِتْقَهُ الأَسْرُ.
ويالِ حُجورٍ تَمَّمَتْ عَقْلَ حُرَّةٍ
بِها جُنَّ مَفْتونٌ يُقالُ لَهُ حُرُّ!
كأَنَّ هُمومَ الصَّدْرِ تحتَ بَنانِها
جَدائِبُ قَدْ أحْيا مَرابِعَها القَطْرُ
سليلةُ عزٍّ، آثرَت كوخَ رَبِّها
ألا إِنَّ كوخًا في مَعِيَّتِها قَصْرُ
هَتًكْتُ بَناتَ الفِكْرِ كُرمى لِحُبِّها
وكانَتْ عَذارى لا يُفَضُّ لَها بِكْرُ
عَلى أَنَّني كَتَّمْتُ ما لَو أَبَحْتُهُ
لَعادَ بِهِ بَرَّاً مِن الوَلَهِ البَحْرُ
وما مَنَعَتْنِي البَوْحَ عَيْنٌ لِحاسِدٍ
ولكِنَّهُ في الصَّوْنِ قِيمَتُهُ الدُّرُّ
لَيُرْضِي غُروري أنْ تُوارَى جُسومُنا
ولمْ يَفْشُ بينَ النَّاسِ من أمْرِنا سِرُّ
هذهِ القصيدة البديعة هي غزلية الشاعر المُعاصر بدر الدريع ويقول في قصة كتابتها
" تزوَّجت صغيرًا ابن عشرين وزوجتي كذلك، ابنة سبعة عشرَ عامًا، وكنت أسكن في شِقَّة صغيرة أوَّل الأمر ثم أنتقَلتُ مِنها ومرَرتُ عليها بعد سنين طِوال وكتبت هذهِ القصيدة"
1.0K viewsوسَن, 02:25