Get Mystery Box with random crypto!

رحلة رقم (40) و الاخيرة واليوم دعونا نتكلم عن عنصر التنفيذ ال | اللهم عرفني حجتك

رحلة رقم (40) و الاخيرة

واليوم دعونا نتكلم عن عنصر التنفيذ الذي هو مهمة الأُمة، فكيف تنفذ الأُمة مشروع الانتظار؟
إن ذلك يتم عبر عدة مراحل:

المرحلة الأولى: معرفة خلفيات الانتظار: ويمكن تلخيصها بـ:

1. إن الانتظار يمثل عملاً عبادياً مهماً، فإذا اقترن بالنية الخالصة ترتب عليه الثواب العظيم، وما يستتبعه من لطف إلهي خفي وظاهر، وتوفيق للعمل وفق فطرة الدين.

2. والانتظار - حاله في ذلك حال بقية العبادات - يصب في عملية بناء الفرد بناءً متكاملاً، وليس الفرد فقط بل والمجتمع، فإن الدين عموماً جاء من أجل هذه الغاية، خصوصاً عندما تعرف المعنى الصحيح للانتظار.

3. والانتظار - بمعناه الصحيح - يمثل شعلة أمل تبث في النفس قوة العمل، وهو وهج نور ينير الطريق بالاتجاه الصحيح، ذلك أن المؤمن المنتظر لابد وأن يتعايش مع المجتمع المنحرف، ذلك المجتمع الذي يكون المؤمن فيه (كالقابض على جمرة بيده)، والكل يعرف حالة من يقبض على جمرة! خصوصاً إذا علمنا أنه لا يمكنه الاستغناء عن تلك الجمرة، إذ إنه لا يرى وجوده وكيانه إلّا بالقبض عليها.

ورد عن يمان التمار قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جلوساً فقال لنا: «إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال هكذا بيده - فأيكم يمسك شوك القتاد بيده» ؟ ثم أطرق ملياً، ثم قال: «إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه». (الكافي - ج1 - ص335-336).

وإنسان بهذه الصفة يعيش حالة من الاضطراب والألم، وصراعاً نفسياً عظيماً، بين اتجاهين في وجوده، اتجاه يناديه: ألق ما في يدك، وعش بحرية مع الناس، وفق مبدأ (حشر مع الناس عيد)، واتجاه يناجيه: اثبت على مبدئك، ولا تخش الناس، إن الله معك. في صراع كهذا، يأتي الانتظار ليلقي بالصبر والأمل في قلب المؤمن، ليجعله ليس فقط يتحمل أذى الجمرة، وإنما يجعله يعيش حالة من اللذة والفرح بقبضه عليها، ذلك عندما يرى كثرة الساقطين في الطريق، وهو يرى نفسه ثابتاً في خطواته على طريق الحق.

إن من الآثار المهمة للاعتقاد بوجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو شحن طاقات الأُمة وبعث روح الأمل فيها، ففرق بين من يسير وليس له هدف مرجو ومحدد، وبين من يسير ويحدوه الأمل الكبير بأن نهاية النفق الطويل المظلم هو النور والفلاح، ومن هنا تأكد الأمر بانتظار الفرج وأنه أفضل الأعمال، ومن الواضح أن المراد بانتظار الفرج هو تهيئة الأسباب لقدوم من ننتظر فرجه، وإلّا فمجرد الشوق لا يعد من مصاديق انتظار الفرج.

الكاتب: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي