Get Mystery Box with random crypto!

التقليد المذهبي التقليد المذهبي في الفروع الفقهية كان معروفا | دار التزكية

التقليد المذهبي

التقليد المذهبي في الفروع الفقهية كان معروفا ومُمارَسًا منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم، فمع أن عددهم تجاوز أكثر من مائة ألف توفي عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتت لهم الصحبة إلا أنهم لم يكونوا سواء في العلم، وهذا بديهي، وكذلك فإن الممارس منهم لصنعة الإفتاء والفقه والتعليم كانوا قلة قليلة لا يتجاوزون الخمسين بحال، وكان للمشاهير منهم أتباع وتلاميذ يأخذون بفتاواهم ويتقيّدون بأقوالهم، بل كان بعضهم يُفتي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكر الإمام الغزالي في " الإحياء": لم يَنصِب أحدٌ من الصحابة نفسَه للفتوى إلا بضعة عشر رجلا، كابن عباس، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وعليّ، وحذيفة، ومعاذ، وأبي هريرة، وأنس، وزيد بن ثابت، وعمر بن الخطاب، وعائشة.

وفي " الطبقات الكبرى" لابن سعد: إن الذين كانوا يُفتون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة من المهاجرين، وهم عمر وعليّ وعثمان، وثلاثة من الأنصار، وهم: أبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وفي حديث ابن عمر: كان أبو بكر وعمر يُفتيان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

ونقَل العلامة عبد الحي الكتاني أن السيوطي نظَم مَن كان يُفتي في عهده صلى الله عليه وسلم، فقال:

وقد كان في عصر النبيّ جماعةٌ
يقومون في الإفتاء قومةَ قانتِ
فأربعةٌ أهل الخلافة منهمُ
معاذٌ، أُبيٌّ، وابن عوفٍ، وثابتِ.

قال العلامة الكتاني أيضا: وممن نظَمهم كذلك نجم الدين ابن قاضي عجلون، قال:

لقد كان يُفتي في زمان نبيِّنا
مع الخلفاء الراشدين أئمةُ
معاذٌ، وعمارٌ، وزيد بن ثابتٍ
أبيُّ، ابن مسعودِ، ابن عوفٍ، حذيفةُ
ومنهم أبو موسى، وسلمانُ حَبرُهم
كذاك أبو الدرداء وهو تتمةُ.

وأكثرهم فتوى مطلقا ستة- كما ذكر ابن حزم - : عمر، وعليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وزيد بن ثابت، وابن عباس.

ومنتهى غالب سلاسل الفقه المالكي والفقه الحنبلي إلى عبد الله بن عمر، ومنتهى غالب سلاسل الفقه الحنفي إلى عبد الله بن مسعود، ومنتهى غالب سلاسل الفقه الشافعي إلى عبد الله بن عباس، وفي غير الغالب تنتهي إلى غير هؤلاء من فقهاء الصحابة، رضي الله عنهم جميعا.
سامي الأزهري - حفظه الله ورعاه -