Get Mystery Box with random crypto!

وقال الباجي في شرحه على الموطـأ: وأما المرأة فمن سنتها أن تطوف | قناة د حامد الإدريسي

وقال الباجي في شرحه على الموطـأ: وأما المرأة فمن سنتها أن تطوف وراء الرجال، لأنها عبادة لها تعلق بالبيت، فكان من سنة النساء أن يكنَّ وراء الرجال كالصلاة. انتهى
وهنا لا بد أن نفرق بين التحوط وبين الاتهام، فالاتهام لا يجوز وهو محرم بنص القرآن {ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} وقال {لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} فالتحوط معناه أن كل خلوة أو اختلاط أو تواصل مع النساء هو مظنة وجود الفتنة ودخول الشيطان، وهو تهمة تستلزم من الواقع فيها تبيين سبب ما وقع منه والدافع له، تماما كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: "على رسلكم إنها صفية".
ولذلك كان السلف يخشون على أنفسهم من وقوع هذه المظنة فعن ابي المليح سمعت ميمونا يقول: لأن أوتمن على بيت مال أحب إلي من أن أوتمن على امرأة. وعن فرات ابن السائب عن ميمون بن مهرات قال: ثلاث لا تبلون نفسك بهن: لا تدخل على السلطان وإن قلت: آمره بطاعة الله، ولا تصغين سمعك إلى هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه، ولا تدخل على امرأة ولو قلت: أعلمها كتاب الله. وعن عطاء قال: لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ولا آمن نفسي على أمة شوهاء. قلت - القائل الإمام الذهبي -: صدق رحمه الله.
وعن سفيان بن عيينة،عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء. ثم قال لنا سعيد ـ وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: ما شيء أخوف عندي من النساء. انتهى من سير أعلام النبلاء.
اليوم أصبح المجتمع يعاني حالة من السذاجة في غيرته، واشتغل اﻹعلام ليحول كثيرا من المظاهر إلى "عادي" فيمكن أن ترى حافلة مليئة بالشباب والشابات متجهة إلى رحلة أو مخيم، ولا أحد يشعر بخطر أو يقع في باله أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، بل لو تكلم أحد واستنكر لاتهموه هو بسوء الظن، وهذا ما حصل لكثير من الفضلاء حين استنكر الاختلاط داخل أسرته، فتجد الجميع يقف ضده متهمين له هو بسوء الظن في الناس، وأن اﻷصل في الناس السلامة، وهذا هو الذي أوصل المجتمع إلى ما وصلنا إليه من ظاهرة الزميل الذي لا ينبغي أن تستنكر حديثه الطويل مع زميلته، فإن فعلت فأنت المتهم هنا، وهو الذي أوصلنا إلى مبدأ "بحال اختي" أي مثل أختي، وهو مبدأ خطير تسلل تحته الكثير من الذين في قلوبهم مرض، فسوء الظنة الذي هو الريبة الداعية إلى الاحتياط هو الواجب على كل أب تجاه بناته.
إن اﻵباء لو فهموا هذه الحقائق لقاموا بدورهم في حماية بناتهم من هذه اﻷخطار التي تتزايد في مجتمعنا يوما بعد يوم، والله نسأل أن يحفظ بنات المسلمين ونساءهم من كل سوء.
د حامد الإدريسي