* دلائل النبوة * * المعجزات الحسية * * موقع قصة الإسلام *
*معجزات في الطعام والشراب*
وذلك على نحو إشباع العدد الكثير من الطعام القليل ، ونبوع الماء وإفاضته من غير ما جُعل لذلك ، ومن غير الطُّرُقِ المعتادة ، وذلك ببركته ودعائه ﷺ . وكان من ذلك ما رواه جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما قال : لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ ﷺ خَمَصاً شَدِيداً ، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي ، فَقُلْتُ : هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَمَصاً شَدِيداً . فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَاباً فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي ، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا ، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، فَقَالَتْ : لا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِمَنْ مَعَهُ . فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا ، وَطَحَنَّا صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ . فَصَاحَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ : *" يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ ، إِنَّ جَابِراً قَدْ صَنَعَ سُوراً فَحَيَّ هَلا بِكُمْ "* . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : *" لا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيء "* . فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْدُمُ النَّاسَ ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي ، فَقَالَتْ : بِكَ وَبِكَ . فَقُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ . فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِيناً ، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ ، ثُمَّ قَالَ ﷺ : *" أُدْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ ، وَلا تُنْزِلُوهَا "* . وَهُمْ أَلْفٌ ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا ، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ . وقد علَّق النووي رحمه الله ، فقال : *" حديث طعام جابر فيه أنواع من فوائد وجمل من القواعد ؛ منها : الدليل الظاهر والعلم الباهر من أعلام نبوة رسول الله ﷺ ، وقد تظاهرت أحاديث آحاد بمثل هذا حتى زاد مجموعها على التواتر ، وحصل العلم القطعي بالمعنى الذي اشتركت فيه هذه الآحاد ، وهو انخراق العادة بما أتى به ﷺ من تكثير الطعام القليل الكثرة الظاهرة "* . وكان من هذا القبيل أيضاً نُبُوع الماء من بين أصابعه ﷺ وتكثيره ببركته ، فيروي أنس رضي الله عنه أيضاً أنَّ النَّبيَّ ﷺ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ ، فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ ، قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه : فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ . قَالَ أَنَسٌ : فَحَزَرْتُ مَنْ تَوَضَّأَ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ . يقول القاضي عياض رحمه الله : هذه القصة رواها الثقات من العدد الكثير عن الجمِّ الغفير عن الكافَّة متَّصلة بالصحابة ، وكان ذلك في مواطن اجتماع الكثير منهم في المحافل ومجمع العساكر ، ولم يَرِدْ عَنْ أحدٍ منهم إنكارٌ على راوي ذلك ، فهذا النوع ملحق بالقطعي من معجزاته ﷺ . وقال القرطبي رحمه الله : ولم يُسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبيِّنَا ﷺ ، حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه ، وقد نقل ابن عبد البرِّ رحمه الله عن المُزَنِيِّ رحمه الله أنه قال : *" نَبْعُ الماءِ من بين أصابعه ﷺ أبلغُ في المعجزة من نبع الماء من الحجر ؛ حيث ضربه موسى عليه السلام بالعصا فتفجَّرت منه المياه ؛ لأن خروج الماء من الحجارة معهود ، بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم "* . *ولا تَنْسَوْا شعارنا : { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } سورة النور*
نلتقي غداً مع حلقة جديدة ، بإذن الله تعالى
*جميع منشوراتي موجودة على هذا العنوان في تيلچرام* :