(إذ يُغشّيكم النُّعاس أمنةً منهُ) نعاسُ الأحرارِ وعلامة النّصر حالةٌ نفسيّة ورحمةٌ بالغة لا تكون إلا من الله سبحانه، يعلمُ فزعهم ويعلم إخلاصهم، يعلمُ عددهم ويعلم شجاعتهم وإقدامهم، فرزقهم النعم ورزقهم الذكرى ورزقهم الفلاح والإختصاص، فإذا النعاس يغشاهم ليستيقظوا منه والسكينة تغمر نفوسهم والطمأنينة تفيض على قلوبهم، وهذا من حفظِ الله وكرمه والله يعلم مدّته لقد كانت هذه الغشية وهذه الطمأنينة مددًا من أمداد الله المسلمين يوم بدر..
وقِس هذا الكرم على حالك في قلقك وضيقك وقد أدركتك سِنة من النوم لا تتعدّى ساعة لتصحو جديدًا ساكن النفس مطمئن القلب مملوءًا بالرضا والحبور، تذكّر هذا واحمدِ الله.. وإن تتبّعت بقيّة الحكاية لوجدتَ كرمًا إلهيًا وضّاء، بل إذا أكملتَ الآية فقط لوجدتَ مددًا روحيًا متّصلًا بمددٍ ماديّ لأجل أن تسكن القلوب وتطمئن الأرواح وتثبت الأقدام بثبات الأرض وتماسك الرمال..
نحبّ أهل بدرٍ -رضي الله عنهم- ونحبّ أرواحهم الزكيّة ومواقفهم الجليّة، أهلُ رفعةٍ وأهلُ علمٍ وأهل رفقةٍ بل خيرُ رفقةٍ لرسول الله ﷺ نشهدُ لهم بالخير كلّه ونسأل الرحمن جمعًا بهم في الجنّة..
