Get Mystery Box with random crypto!

❦246❦ * الشفاعة العظمى * قال المؤلف -رحمه الله-: 'وَلَهُ | هبات الرحمـٰن في ترسيخ الإيمان

❦246❦

* الشفاعة العظمى *

قال المؤلف -رحمه الله-:

"وَلَهُ -ﷺ- فِي الْقِيَامَةِ ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ:
 أَمَّا الشَّفَاعَةُ الْأُولَى: فَيُشَفَّعُ فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعَ الْأَنْبِيَاءُ -آدَمُ وَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ- عن الشَّفَاعَة حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَيْهِ..."
ـــــــــ ـــــــ ـــــــ

* الشـــــــرح:*

قوله: "حتى يقضى بينهم": (حتى) هذه تعليلية، وليست غائية؛ لأن شفاعة الرسول -ﷺ- تنتهي إليه قبل أن يقضى بين الناس؛ فإنه إذا شفع؛ نزل الله -عزَّ وجلَّ- للقضاء بين عباده وقضى بينهم...

قوله: "بعد أن يتراجع الأنبياء؛ آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم عن الشفاعة": أي: يردها كل واحد منهم إلى الآخر.

شرح هذه الجملة ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -ﷺ- قال:
"أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون فيمَ ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد؛ يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، 

فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ 

فيقول بعضهم لبعض: عليكم بآدم! فيأتونه، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ 
فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، فعصيته؛ نفسي نفسي نفسي! اذهبوا إلى نوح!

فيأتون نوحًا، فيقولون: يا نوح! إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟
فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي؛ اذهبوا إلى إبراهيم!

فيأتون إبراهيم، فيقولون: يا إبراهيم! أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإني قد كذبت ثلاث كذبات؛ اذهبوا إلى موسى!

فيأتون موسى، فيقولون: يا موسى! أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإني قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها؛ اذهبوا إلى عيسى!

فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلّمت الناس في المهد صبيًّا؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، ولم يذكر ذنبًا، اذهبوا إلى محمد! وكلهم يقول كما قال آدم: نفسي نفسي نفسي!

فيأتون محمدًا -ﷺ-، فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟

فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي عز وجل، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي،
 ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك؛ سَلْ تعطَهْ، واشفع تشفع ... " وذكر تمام الحديث.

والكذبات الثلاث التي ذكرها إبراهيم - عليه السلام - فُسِّرت بما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: لم يكذب إبراهيم -عليه السلام- إلا ثلاث كذبات؛ اثنتين منهن في ذات الله: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ}، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}، وذكر قوله عن امرأته سارة: إنها أختي.

وفي "صحيح مسلم" في حديث الشفاعة السابق أن الثالثة قوله في الكوكب {هَذَا رَبِّي}، ولم يذكر قصة سارة.

وإنما سمّى إبراهيم -عليه السلام- هذه كذبات؛ تواضعًا منه؛ لأنها بحسب مراده صدق مطابق للواقع؛ فهي من باب التورية، والله أعلم.

قوله: "حتى تنتهي إليه"؛ أي: إلى الرسول -ﷺ-، وسبق في الحديث ما يكون بعد ذلك.

وهذه الشفاعة العظمى لا تكون لأحد أبدًا إلا للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي أعظم الشفاعات؛ لأن فيها إراحة الناس من هذا الموقف العظيم والكرب والغم.

شرح الواسطية - ابن عثيمين( باختصار)

  حياة القلوب في
معرفة علام الغيوب

هبات الرحمن...: t.me/Hibat_AlRa7man