Get Mystery Box with random crypto!

في كل جمعة تذكير بالنعمة الكبرى علينا، نعمة إنزال هذا الكتاب ع | إنه القرآن ( القناة الرسمية )


في كل جمعة تذكير بالنعمة الكبرى علينا، نعمة إنزال هذا الكتاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لينذر به أقواما ويبشر آخرين {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا}
هاهنا تنبيه مهم متعلق باستشعارك لعظيم هذه النعمة وطريقة تلقيك لها ألا وهو قوله تعالى (على عبده)

ثمة افتراض أذكر نفسي والآخرين به كثيرا: ماذا لو أنزل هذا الكتاب الذي هو النعمة الكبرى من غير رسول يوحى إليه به؟! ماذا لو طلب منا أن نقيمه في حياتنا ونعمل بمقتضاه دون هدي نبي نتأسى به في ذلك؟!
نحن جميعا نستطيع تصور مدى الحيرة والتشتت التي كان البشر ليقعون فيها، إذ يصير لكل منهم رأي في طريقة تلقي هذا الوحي وفهمه والعمل به، ومن يمكنه حينذاك أن يحكم على صحة آرائهم أو فسادها!
لذلك كان إنزال هذا الكتاب المجيد، كلام ربنا العظيم على قلب النبي صلى الله عليه وسلم فيتلقاه هو صلى الله عليه وسلم ويبلغه ويقيمه في أمته، كان هو تمام النعمة وكمالها، ومن ثم فقد ضمن دوما في سياق الامتنان على هذه الأمة ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾وكأن وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم منحصرة تماما في تلاوة هذه الآيات وتعليم معانيها والتزكية بما اشتملت عليه من الأخلاق والآداب والشرائع.

إذن تعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم والعناية بسيرته مطلب ضروري لفهم القرآن أولا وتبين طريقة العمل به ثانيا، إنها نعمة جليلة أن تجد نموذجا تطبيقيا كأكمل ما يكون لهذا الكتاب العزيز، نموذجا تجسد في مجتمع كامل أسس على آياته وأمة كاملة خرجت من بين ثناياه، فالمتأمل في مجتمع المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ثم الخلفاء الراشدين من بعده لابد أن يتجلى في نفسه معنى أن يكون تكون المجتمع قرآنيا والأمة قرآنية، أمر يشبه قول أمنا عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (كان خلقه القرآن)، هنا جسر للهوة بين المبدأ وتطبيقه، بين النظرية ونموذجها العملي، هنا تجسيد للكلمات في صورة أفعال وأشخاص ونظام مجتمعي كامل، وهو الشيء الذي أظنه كان مرتكزا لكل توسع لأمة الإسلام بعد ذلك وانتشار للدين في أطراف الأرض قاطبة

في شهر رمضان هذا العام تأكدت فكرة طالما خطرت لي من قبل، وهي أن التشبع بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته الشريفة وفهم أحداثها يعطي الإنسان فهما أعمق وأصدق لآيات القرآن،
في أحيان كثيرة لم يكن يتطلب الأمر أكثر من حديث نبوي واحد يرتبط معناه بالآية حتى يترسخ معناها في قلبك وتشعر كأنها صارت فيك نورا والأهم أن تتعلم كيف يمكن أن تعمل بها في حياتك وتمشي بها في واقعك الذي تعيشه الآن، وهذا ما يعيدنا إلى بدايات الأشياء، فتتعلم كيف كان حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلقي  الوحي وحفظه {لا تحرك به لسانك لتعجل به (16) إن علينا جمعه وقرآنه}
وكيف كان فرحه به وتفضيله إياه على الدنيا بما فيها [لقد أنزلت علي سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ: إنا فتحنا لك فتحا مبينا]
وكيف كان تفاعله معه تلاوة واستماعا  [يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ] [اقرأ علي فإني أحب أن أسمعه من غيري]
وكيف كان حرصه على ورده [قال أوس بن حذيفة الثقفي في حديث له: قلنا : ما أمكثك عنَّا يا رسولَ اللهِ ؟ قال : طرأ عليَّ حزبٌ من القرآنِ ، فأردتُ ألَّا أخرجَ حتَّى أقضيَه] ،
وكيف كان تنزيله للآيات واستشهاده بها [ عن عمر قال لما نزلت ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ﴾ جعلت أقول: أيّ جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبي ﷺ يثب في الدرع ويقول: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾] ومعلوم أن سورة القمر مكية
ثم قبل ذلك وبعده هذا التفاعل الحي المستمر على مدى أعوام بين الوحي المتنزل من رب العالمين وبين حاجات المسلمين الدينية والدنيوية وأحداث واقعهم وتساؤلاتهم شاهدا على أنه {وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى}

ربما بسبب هذا رأيت في تدبر السور المدنية كنزا عظيما نحتاج أن نعكف عليه ونغترف منه، إذ أنها يتجلى فيها هذا التشابك والترابط بين حقائق الإيمان وركائز العقيدة وبين فروع الشريعة وتمثلات هذه الحقائق الإيمانية في أقوال البشر وأفعالهم، تأمل افتتاح سورة المجادلة ﴿قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ یَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَاۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ﴾ وتأمل باقي السورة وأنت ترى في كل آية ترابطا لازما بين حقيقة إيمانية كبرى وبين واقع المسلمين في المدينة آنذاك