2022-07-29 15:30:37
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
ما دواء من تحكم فيه الداء ؟
سؤال هام جداً، يحتاج إلى وقفة مع النفس للتفكير به والإجابة عليه..
ليتخلص المسلم مما يعتريه من الأدواء، وينعم بإنشراح الصدر، وسكينة الروح، وطمأنينة القلب، ويصل إلى التفوق والنجاح..
وكانت الإجابة على هذا السؤال بلسماً للجراح، وطمأنينة لكل مهموم، وطريقاً للفوز بمرضاة الله..
رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية،
ما أعظم جوابه، وما أروع كلامه..
علم أن الدعاء هو سلاح المؤمن، وأنيسه عند الشدائد، ونزول المصائب..
فأيقن أن النعم تُسْتجلب بالدعاء..
وأن النقم تُستدفع به..
أيقن أن الدعاء ملجأ لكل مظلوم، انقطعت به السبل، وأُغلقت في وجهه الأبواب، ولم يجد من يعينُه على دفع ضرره..
فدعاه لرفع يديه إلى السماء، وأن يبث إلى القوي الجبار شكواه..
علم أن اللجوء والتضرع إلى الله بالدعاء..
من أعظم ما تترتب به بعثرة الأرواح..
ومن أجَّلِ ما يُهذب به شَعث السرائر..
ومن أنقى ما يجمع به شتات القلوب..
كما دعانا إلى ذكر الله، لأنه علم معنى قوله تعالى :《 الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 》..
أيقن أن ذكر الله من أجَّلِ الأعمال التي تقرب العبد من ربه، ومن أشرف ما ينطق به اللسان، فتطمئن به قلوب أهل الإيمان، ومن خير وأحب الأعمال إلى الله..
أيقن أن الله لم يفرض فريضة، إلا وجعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر، إلا الذكر، فإنه لم يجعل له حداً ينتهي إليه، حيث قال تعالى :《 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا 》..
أي بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي الصحة والسقم، وفي السر والعلانية..
أيقن شيخ الإسلام فضل الذكر من قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
《 ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأرضاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورِق (الفضة)، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟، قالوا : وما ذاك يا رسول الله؟، قال : ذكر الله 》..
* رواه ابن ماجه وصححه الألباني..
علم شيخ الإسلام أن ذكر الله هو وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كثرت عليه شعائر الإسلام..
فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه، قال :《 لما شكا الرجل حاله قال : يا رسول الله، إن شعائر الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بأمر أتشبَّثُ (أتمسك) به، قال : لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله 》..
* رواه الترمذي وصححه الألباني..
وقوله : " بشيء أتشبث به "
أي ليسهل عليَّ أداؤه، أو ليحصل به فضل ما فات منها من غير الفرائض، ولم يرد الإكتفاء به عن الفرائض والواجبات..
أيقن شيخ الإسلام أن ذكر الله تعالى يساعد على تغذية القلوب، وصقل الأرواح، ليتمتع المؤمن بالروح الإيمانية، ويزداد إيماناً ويقيناً بربه، ويعالج ما يعتريه من أدواء..
ولا يعذر أحد في تركه، إلا مغلوباً على عقله..
وقد تحكم به الداء..
وغلب عليه الكسل..
وحُرِم من التوفيق..
يا من ضاقت عليه الأرض بما رحبت..
يا من أظلمت الدنيا أمام عينيه..
يامن أُغلقت في وجهه السبل..
يا من اُبتليت بالداء وتبحث عن الدواء..
عليك باللجوء والتضرع إلى الله بالدعاء والذكر، ولا تسأم من الدعاء والطلب..
واعلم أنك تناجي رب رحيم كريم، يجيب دعوة المضطر إذا دعاه..
وكن على يقين أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً..
175 viewsيارب رضاك, 12:30