.. ، لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم سعت السيدة عائشة إلى إحياء سنته المطهرة و تعليمها و نشرها بين الناس ، فورثنا منها تراثا عظيما ضخما لا يزال يضيئ الطريق إلى يومنا هذا لكل من يريد أن يقتفي أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم و يحب أن يلزم غرزه ..
.............. ............. ..............
(( ميراث الأنبياء ))
اتفقت أمهات المؤمنين على أن يرسلن عثمان بن عفان إلى خليفة رسول الله / أبي بكر ليكلمه في أمر ميراثهن من رسول الله ، فقد ترك النبي أرضا له في ( خيبر ) ، و كذلك في ( فدك ) .. ، كما تكلمت السيدة فاطمة و معها العباس مع أبي بكر في نفس الأمر ..
.. ، و لكن السيدة عائشة اعترضت على ذلك ، و قالت :
(( أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ، ما تركنا صدقة ))
.. ، و كان هذا هو نفس رد أبي بكر الصديق رضي الله عنه على السيدة فاطمة ، فقد اعتذر إليها قائلا : (( سَمِعت النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول :
( لا نورث .. ما تَركنَا صدقة )
.. ، إنما يَأْكل آلُ مُحَمد في هذا المَالِ .. ، و اللَّهِ لَقرابَة رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحب إلَي أن أصِلَ مِن قَرَابَتِي ))
.. ، فغضبت منه السيدة / فاطمة و هجرته .. !!
.. ، فقال ( الصديق ) رضي الله عنه :
(( لَست تَارِكا شيئا كان رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَعمل به إلَّا عَمِلْت به .. ، إني أَخْشَى إن تركت شيئا مِن أَمرِهِ أَن أَزِيغ ))
.. ، فميراث الأنبياء هو ذلك العلم و الهدى الذي تركوه للناس .. ، و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا .. كتاب الله ، و سنة نبيه ))
طلب أبو بكر الصديق أن يدفن إلى جوار صاحبه ، فدفن إلى جواره .. ، و عندما طعن أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب أرسل ابنه ليستأذن من السيدة / عائشة في أن يدفن إلى جوار صاحبيه .. ، فقالت : (( كنت أريده لنفسي .. ، فلأوثرنه اليوم على نفسي ))
.. ، فدفن عمر بن الخطاب إلى جوار صاحبيه ..
.. ، و بقيت السيدة / عائشة على العهد .. تعلم الناس ، و تروي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و تستفتى في المسائل .. .. إلى أن وقعت (( الفتنة الكبرى )) التي بدأت باغتيال أمير المؤمنين / عثمان بن عفان في عقر داره على أيدي عصابة مسلحة من (( الهمج الرعاع )) أتباع اايهودي المتأسلم عبد الله بن سبأ المعروف ب (( ابن السوداء )) .. !!
.. ، و ثار بركان الغضب في قلوب المؤمنين و قلوب أمهات المؤمنين بسبب تلك الجريمة البشعة .. .. ، فتركت أمهات المؤمنين ذلك الجو الخانق الذي خيم على المدينة المنورة بعد مقتل عثمان ، و بعد أن سيطر السبئيون على كل أرجائها ، و توجهن إلى ( مكة ) مع عدد كبير من الصحابة للإقامة فيها بعيدا عن تلك الأحداث ..
.. ، و في مكة ..
كان الكثير من المسلمين يطالبون بالقصاص من قتلة عثمان ، و يريدون أن يتخذوا موقفا فعالا تجاه تلك الأزمة .. .. ، و هؤلاء كانوا غير مقتنعين تماما بقرار أمير المؤمنين / علي بن أبي طالب بشأن تأجيل القصاص إلى أن يبايعه أهل الشام .. ( يعني : رأيهم من رأي سيدنا معاوية بن أبي سفيان .. الذي كان والي الشام وقتها .. ، و هو ضرورة القصاص العاجل )
.. ، و كان على رأس هؤلاء المسلمين في مكة الصحابيان الجليلان سيدنا / الزبير بن العوام ، و سيدنا / طلحة بن عبيد الله ، فعرضا الأمر على أم المؤمنين / عائشة ، و طلبا منها أن تخرج معهما على رأس ( جيش مكة ) إلى العراق ، ليطالبوا أهل العراق بتسليم ( قتلة عثمان ) ليقتصوا منهم .. .. ، و الهدف من خروج السيدة / عائشة مع (( الجيش المكي )) هو إشعار أهل العراق بأن هذا الجيش لم يأت لقتال ، إنما جاء من أجل محاولة الإصلاح
.. ، فالفتنة لن تنتهي ، و نفوس المسلمين في كل البلاد الإسلامية لن تهدأ أبدا إلا إذا تحقق القصاص العادل من قتلة عثمان .. ، و السيدة عائشة لها مكانتها الكبيرة في قلوب المسلمين ، و الجميع يعرف قدرها في العلم و الفقه ، فإذا رآها أهل العراق فسيكون في ذلك حقن لدماء المسلمين ، و لن يحدث قتال .. ، فكيف يجرؤ أهل العراق على أن يقاتلوا جيشا فيه أم المؤمنين / عائشة ...؟!!
.. هذه كانت نية السيدة عائشة من الخروج مع الجيش المكي .. ، و وافقت بقية أمهات المؤمنين على خروجها ، بل و أخذن يشجعنها على تلك الخطوة الجريئة .. !!