كان زيد بن حارثة قد وصل إلى سن الشباب عندما بدأت النبوة و اعتنق الإسلام ، فزوجه رسول الله من أم أيمن (( بركة الحبشية )) ، و هي مولاة النبي صلى الله عليه و سلم .. .. ، و أم أيمن .. كما تعلمون .. هي أول من احتضن رسول الله بعد ولادته ، و كانت تقوم على رعايته مع أمه (( آمنة ))
.. ، و في مكة .. في العام السادس من بعثة النبي .. أي قبل الهجرة إلى المدينة بحوالي سبع سنوات .. رزق زيد بن حارثة و أم أيمن بمولودهما شبل الإسلام / أسامة بن زيد رضي الله عنه .. ، فتربى في أحضان الإسلام ، و لم تنل منه الجاهلية بوثنيتها ورجسها شيئا ، و كان قريبا جدا و ملازما دائما للنبي صلى الله عليه وسلم .. ، و كان رسول الله يحبه و يحب أباه ، فلقب أسامة بن زيد ب (( الحب بن الحب ))
هي ابنة (( أميمة بنت عبد المطلب )) عمة النبي صلى الله عليه وسلم .. ، فأراد النبي أن يزوجها لزيد بن حارثة ، و عرض عليها ذلك الأمر ، فاستنكفت في البداية لأن زيد بن حارثة من طبقة الموالي (( و الموالي هم العبيد الذين تم تحريرهم )) .. ، و لكنها استحيت من أن تعصي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافقت على الزواج ..
.. ، و كانت الحكمة من وراء ذلك الزواج هي إذابة الفوارق الطبقية التي كانت في الجاهلية بين السادة و الموالي ، حتى يتعلم المسلمون جميعا أن التفاضل في الإسلام مبناه على (( التقوى )) ، و ليس على الحسب و النسب ..
.. ، و لكن العلاقة الزوجية بين زيد بن حارثة و زينب بنت جحش لم تكن على ما يرام .. ، فقد كانت زينب تضايقه بالكلام ( الثقيل ) بسبب ما كانت تشعر به من داخلها بسبب الفارق الطبقي بينهما .. .. ، فكان زيد كثيرا ما يذهب إلى النبي ليشتكي من زينب ، و يستأذنه في طلاقها .. .. ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاول تهدئته للمحافظة على البيت ، و يقول له :
(( أمسك عليك زوجك ، و اتق الله ))
.. ، و استمر هذا الحال حوالي سنة .. .. ، و لكن النبي كان يعلم أن هذا الزواج لن يستمر طويلا ، و أن زيدا سيطلق زينب ، فقد أخبره الله تعالى بأنه سيتزوج من زينب بنن جحش بعد أن يطلقها زيد بن حارثة لكي ينهي بذلك عرفا من الأعراف التي كانت راسخة في الجاهلية ، فقد كان العرب قبل الإسلام يستحلون (( التبني )) ، و يحرمون على الرجل أن يتزوج من طليقة (( ابنه بالتبني )) .. ، فجاء الإسلام بتحريم التبني ، فأصبح من حق الرجل أن يتزوج من طليقة ابنه بالتنبي .. ، و كان لابد أن يكون ( التطبيق العملي ) لهذا الأمر عن طريق رسول الله نفسه ، و أن يتحمل تبعات ذلك مهما كانت ..
.. ، و لكن النبي كان يتحرج من ذلك ، و يخشى من (( كلام الناس )) ، فالمنافقون في المدينة لن يضيعوا تلك الفرصة ليشنعوا عليه .. !! .. ، فنزلت الآيات القرآنية تعاتب رسول الله على ذلك ، و يقول له الله تعالى فيها :
(( وَ إِذ تقول لِلَّذِي أَنعم اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتقِ اللَّهَ ، وَ تخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ، وَ تَخْشى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه ، فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ، لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا .. ))
و لعلنا نتعلم من تلك الآية ألا نستحيي من طاعة الله و رسوله مهما كان (( كلام الناس )) ، فأهل الباطل لا يستحيون من المجاهرة بباطلهم ليل نهار .. ، فكيف يستحيي أهل الحق من إظهار الحق ، و الدعوة إليه .. ؟!!!
.. ، و كانت السيدة / زينب بنت جحش تفخر بين نساء النبي ، فتقول : (( زوجكن أهليكن ، و زوجني الله من فوق سبع سماوات ))
................. ............... ..............
(( حادثة الإفك ))
و كان للسيدة زينب بنت جحش موقف يجب أن يذكر في حادثة الإفك .. ، فحينما خاض الكثير من الناس فيما ليس لهم به علم ، سأل رسول الله زينب بنت جحش عن أمر عائشة فقال : (( يَا زَينب .. مَاذَا عَلمتِ أَو رَأَيتِ .. ؟ )) .. ، فقالت : (( يا رسول الله .. أحمي سمعي و بصري .. ، ما علمت إلاَ خيرا ))
.. ، و تذكر لها السيدة عائشة ذلك الموقف ، فتقول :
(( و هي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله ، فعصمها الله بالورع ))
.. ، فلم تدفعها ( غيرة الضرائر ) أن تقول .. أو حتى تلمح .. بما قد يوغر صدر رسول الله تجاه عائشة ( أحب زوجاته إلى قلبه ) .... !!!!
.................. ...................
و توفيت أم المؤمنين / زينب بنت جحش في خلافة عمر بن الخطاب عن عمر يناهز ال 53 عاما ...