حديثنا أيها الإخوة، هو عن قصة الإفك وحادثة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها. وذلك أنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه -يضع قرعة- فأي امرأة أو زوجة خرجت قرعتها ذهبت معه في غزوته.
قالت: فأقرع بيننا في غزوة غزاها -وهي غزوة المريسيع- في العام الخامس للهجرة. وقيل في العام السادس، فخرج سهمها، فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب.
قالت: وكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه. -والهودج هو ما يوضع على الناقة ويحيط بالمرأة كالغرفة الصغيرة فوق الناقة ليسترها عن الناس.
قالت: فسرنا حتى إذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك، ورجع.. وقفل، ودنونا من المدينة قافلين، آذن ليلة بالرحيل يعني أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت جيشي. تركت الناقة وذهبت لقضاء حاجة لها رضي الله عنها وأرضاها. فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي -إلى الناقة- فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار -يعني عقد من اللؤلؤ اليماني- كانت تضعه على صدرها رضي الله عنها وأرضاها. بحثت عنه فلم تجده فرجعت تبحث عنه في المكان الذي كانت فيه لعلها تجده.
فجاء الرجال الذين كانوا يحملون هودجها، وقالت رضي الله عنها في حديث آخر أنها لم تكن قد غشيها اللحم -ما سمنت-.. فلما حملها الرجال حملوا الهودج ما أحسوا بالفرق، فظنوها في داخل الهودج لأنه كان مستترا من كل الجهات. فوضعوا هذا الهودج على هذه الناقة وذهبوا، يظنون أم المؤمنين على هذه الناقة وفي هذا الهودج.. وهي قد ذهبت لتبحث عن هذا العقد..
رجعت رضي الله عنها وأرضاها فلم تجد لا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الجيش ولا هودجها والناقة. وكان الجيش قد مضى وهم يظنون أنها فيه. وكما قالت رضي الله عنها ولم يغشانا اللحم -ما سمنت-.. كانوا لشدة ما كانوا فيه من الجوع وقلة الطعام..
المهم، رجعت فلم تجد أحدا، فجمعت ثوبها عليها وقالت: ظننت أنهم سيفقدونني فيعودون.. يعني النبي صلى الله عليه وسلم قد يأتي إلى الهودج يكلمها فلا يجدها أو أن الجيش سيشعرون أنها غير موجودة وسيعودون إليها.(4)
نقف على هذا. ونكمل إن شاء الله في الدرس القادم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
