2023-04-08 20:10:06
ما الذي يُستعان به على دوام حضور القلب في الصلاة؟
مستفاد من كلام ابن تيمية - رحمه الله - :
الذي يعين على دوام حضور القلب شيئان: قوة المقتضي، وضعف الشاغل.
1- أما قوة المقتضي:
فاجتهاد العبد في أن يعقل ما يقوله ويفعله،
ويتدبر القراءة والذكر والدعاء،
ويستحضر أنه مناج لله تعالى كأنه يراه،
فإن المصلي إذا كان قائماً فإنما يناجي ربه، والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
ثم كلما ذاق العبد (حلاوة) الصلاة كان انجذابه إليها أوكد،
وهذا يكون بحسب قوة الإيمان - والأسباب المقوية للإيمان كثيرة-
فإن ما في القلب من معرفة الله ، ومحبته ، وخشيته ، وإخلاص الدين له ، وخوفه ، ورجائه ، والتصديق بأخباره ، وغير ذلك ، مما يتباين الناس فيه ويتفاضلون تفاضلا عظيما ، ويقوى ذلك كلما ازداد العبد:
1- تدبرا للقرآن،
2- وفهماً ومعرفةً بأسماء الله وصفاته وعظمته،
3- وتفقره إليه في عبادته واشتغاله به، بحيث يجد اضطراره إلى أن يكون تعالى معبودَه ومستغاثَه أعظمَ من اضطراره إلى الأكل والشرب، فإنه لا صلاح له إلا بأن يكون الله هو معبوده الذي يطمئن إليه، ويأنس به، ويلتذ بذكره، ويستريح به،
ولا حصول لهذا إلا بإعانة الله، ومتى كان للقلب إله غير الله؛ فسد وهلك هلاكاً لا صلاح معه،
ومتى لم يعنه الله على ذلك لم يصلحه، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه.
2- وأما زوال العارض :
فهو الاجتهاد في دفع ما يشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يعنيه،
وتدبر *الجواذب* التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة، وهذا في كل عبد بحسبه،
(((فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات، والشهوات، وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها))).
والوساوس :
1- إما من قبيل الحب، مِن أنْ يخطر بالقلب ما قد كان،
2- أو من قبيل الطلب وهو أن يخطر في القلب ما يريد أن يفعله،
3- ومن الوساوس ما يكون من خواطر الكفر والنفاق فيتألم لها قلب المؤمن تألما شديدا كما قال الصحابة : ((يا رسول الله ، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتكلم به ، فقال : أوجدتموه قالوا : نعم قال : ذلك صريح الإيمان))، .. قال كثير من العلماء: فكراهة ذلك، وبغضه، وفرار القلب منه، هو صريح الإيمان، والحمد لله الذي كان غاية كيد الشيطان الوسوسة ، فإن شيطان الجن إذا غلب ؛ وسوس ، وشيطان الإنس إذا غلب ؛ كذب.
والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، لا بد له من ذلك، فينبغي للعبد أن 1- يثبت، 2- ويصبر، 3- ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، 4- ولا يضجر،
فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيدُ الشيطان {إن كيد الشيطان كان ضعيفاً}،
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسواس أمورٌ أخرى،
فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه،
وما زال في المصلين من هو كامل الحضور
فقد كان مسلمة بن بشار يصلي في المسجد فانهدم طائفة منه وقام الناس وهو في الصلاة لم يشعر،
وكان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - يسجد فأتى المنجنيق فأخذ طائفة من ثوبه وهو في الصلاة لا يرفع رأسه،
وقالوا لعامر بن عبد القيس: أتحدثُ نفسَك بشيء في الصلاة؟
فقال : أو شيء أحبُّ إلي من الصلاة أحدثُ به نفسي ؟
قالوا : إنا لنحدث أنفسنا في الصلاة ،
فقال : أبالجنة والحور ونحو ذلك ؟ ،
فقالوا : لا ولكن بأهلينا وأموالنا ،
فقال : لأن تختلف الأسنة فيَّ أحب إلي.
((مجموع الفتاوى))(22/603-610)
انتهى باختصار وتصرف.
639 viewsابوعبدالعزيز, 17:10