2021-08-10 16:04:39
.
.
↣
في معركة اليرموك أرسل باهان قائد الرومان إلى خالد بن الوليد رسولا ليطلب منه أن يأتي إليه ليتحاور معه شخصياً!!!
- قال خالد بن الوليد : (( أنا ذاهب إليهم )) ... !!!!!
- و طلب أن يرافقه رجل واحد فقط اسمه
(( الحارث بن عبد الله )) .. ، و لم يخش سيف الله أن تكون حيلة من الرومان ليفتكوا به ، فقد كان على يقين أن روحه لا يقبضها إلا الله وحده وقتما يشاء ... !!
- واصطف جند الرومان على الجانبين بالدروع و الأسلحة لا يُرى منهم حتى عيونهم بسبب الحديد السابغ الذي كان يكسوهم من أعلاهم إلى أسفلهم .. ، أعداد هائلة تقف في استقبال خالد بن الوليد .. ، و المقصود من ذلك ليس الاحترام لشخصه ، و لا التكريم له طبعا .. ، إنما أرادوا أن يرهبوا سيدنا خالد إذا مر بين تلك الصفوف التي لا تنتهي حتى يصل إلى مجلس باهان ..!!!
ولكنهم كانوا في نظر خالد أهون من الذباب الكثيف ..!!
- وصل سيدنا خالد ورفيقه إلى مجلس القائد باهان الذي بدأ حديثه بالتلطف ، و التودد إلى خالد ليتقرب منه ..
فقال له : إني أراك أعظم عقل على وجه الأرض
فرد عليه خالد هذا فضل الله يؤتيه من يشاء
قال باهان : أتحتاج مشورة هذا الرجل الذي معك .. ؟!
خالد : إن في معسكرنا أَلفَين من الرجال ، ليس لنا غناء عن رأيهم ، و مشورتهم
باهان : لم نكن نظن أن فيكم أمثال هؤلاء
خالد : ليس كل ما تظنونه و نظنه صواب .. ، فقد كنتم تظنون أننا ضعفاء ، و الحق خلاف ذلك .. ، و كنا نظن أنكم أقوياء ، فكان الحق خلاف ذلك .
باهان : (( صدقت ... ولكنني الآن أدعوك إلى خلتي .. ، فما رأيك ... ؟ )) ..... يعرض عليه طلب صداقة
خالد : (( وكيف لي بِخُلّتٍك ، و أنا و أنت الآن في بلد يريد كل منا أن تصير إليه ... ؟! ))
* باهان : (( إن خيمتك تعجبني فبكم تبيعها ... ؟! )) [رشوة مقنعة]
خالد : (( هي لك .. ، وما أريد من متاعكم شيئا ))
باهان : (( هل تتكلم أنت ... ، أم أتكلم أنا أولا .... ؟!!! ))
خالد : (( أنا لا أبالي من يتكلم أولا .. ، فأنت تعرف جيدا ما نريد ، وقد سمعتَه مرارا و تكرارا من رسلنا في أجنادين .. ، و في مرج الصفر .. ، و في بصرى .. ، و في دمشق .. ، و في بيسان .. ، و في حمص .. ، فابدأ أنت بالكلام ... )) ... أراد خالد بذكر تلك المواقع أن يذكره بانتصارات المسلمين المتتالية على الرومان بطريقة ذكية
باهان : (( إنا قد علمنا أنه ما أخرجكم من بلادكم إلا الجهد و الجوع فهلموا إليّ أعطي لكل رجل منكم 100 دينار ذهبية و كسوة و طعام و ترجعون إلى بلادكم ))
دقق في هذا العرض المغري .. احسبها :
100 دينار × 36 ألف مقاتل مسلم = ثلاثة ملايين و وستمائة ألف دينار ذهبية ..... !!!
ثم أضاف باهان إلى هذا العرض : (( و نعطيكم ما تطلبونه من أرض الشام .. ، كما سنعينكم على قتال الفرس .. ))
- إنه أعلى عروض الرومان للمسلمين .. عرض لا يقاوم بكل الحسابات .. ، مكاسب بدون تعب و لاجهاد ، و لا إراقة دماء ... !!!!!
ولكن خالدا قال له بلا تردد :
(( والله يا باهان ما لكم عندي إلا واحدة من ثلاث :
الإسلام ....
أو الجزية .....
أو القتال ....
.. ، فوالله ما أخرَجَنا من بلادنا ما ذكرتَ من الجهد و الجوع
... ، ولكننا قوم نشرب الدماء .. ، و قد بَلغَنا أنه لا دم أطيب من دم الروم .. ، فجِئنا لذلك ))
.. ، ثم استدار سيدنا خالد .. ، و انصرف .. تاركا باهان يجفف عرقه .. ، و الخدم يجففون ذلك البلل الذي وجدوه على كرسيه ....!!!
المرجع : مؤلفات د. راغب السرجاني حفظه الله
680 views13:04