Get Mystery Box with random crypto!

. #بقايا_النيل.. حين هاجر حبيّ المفجوع من وطني الحزين يحمل ا | نشوة ريد..💙🎶

.

#بقايا_النيل..

حين هاجر حبيّ المفجوع من وطني الحزين
يحمل الأيام والوجع الرصين
والمشاوير القريبة والبعيدة
والخطاوي المنهكة
لبلاد كل ما فيها ثلوجٌ وأنين
والدمع المعبأ في الشوارع كل حين...
يسئلني :
كيف حالك يا حبيبة؟
كيف حال الوطن والأيام من بعدي؟
لا زلت تشتاقينني؟
ما زال يسكنك الضياء؟
كيف حال السهل؟
مرتع حبنا؟
أحلامنا؟
بيت ابتسامتنا؟
ومنبع صفونا؟
الحرازات القديمة..
ما زال ينهكها التساقط والجفاف؟
لم ترضَ بعد من الخريف؟
والشعب يا محبوبتي؟
ما زال يحيا في وباء الفقر؟
يرتجي فقط الكفاف؟
والجوع هل ما زال يقطن في ضلوع صغارنا بين الأزقة والرصيف؟
قولي بربك يا حبيبة؟
هل يستدر الراعي في بلدي ضرع بقرات عجاف؟

فأدس في روحي شقاي..
وأجيبه :
السهل مخضرٌّ يفيض بحبنا..
والشوق يسري في دمي..
وانا بخير!
والضوء يسكن داخلي..
أما الوطن..
قد سرق كل تعاستي..
والغيم يبكي..
يرتجي صفح الحراز..
لكنه كالشعب في إنهاكه..
ما زال يحيا صامداً..
متقلباً في قحطه وعنائه..
اما الصغار على الرصيف تكاثروا..
وتزايدوا في بؤسهم..
والرهق يقطن في ربوع صدورهم..
يتثاقلون على الطريق..
يعملون، يتسولون ويسرقون..
وبرغم هذا فإنهم..
يحملون فتافت الأشياء..
أوجاعهم..
ويحملون البرد في أرواحهم..
جفت بلادي يا حبيبي من الحليب..
لكننا رغم المصاعب قائمون..
رغم النحيب..
تروينا بقايا النيل..
تروي اتساع العطش في أجسادنا..
تغسلنا من الأحزان..
كن لي بخير يا حبيب..
إنا هنا متصبرون ببعضنا..
برغم قساوة الأزمان..
وأنت وحدك في بلاد الغرب..
تشكو البعد والترحال..
وسوء الحال..
كن لي بخير..
وإليك صلواتي..
وكل الحُب..

فيقول لي:
أما البلاد..
أسفي عليها في ازدياد..
اسفي على أم الشهيد..
والثورة الكبرى..
وسوء مآلها..
اسفي على أبنائها وبناتها..
اسفي على أطفالها وشبابها..
أسفي على طرقاتها..
احلامها..
وكل الزيف كل الحزن في انحائها..
أما اهاليها وأنتِ..
فقد أرحتِ كاهلي..
حمداً كثيراً يا حبيبة..
حمداّ لرب النيل ثم النيل..
طمأنتني..
وأزلت اوهامي..
وكل هواجسي..
وأرد لك:
بل أنت كوني لي بخير..
أكن أنا..

وحين يغزوني الحنين..
تجتاحني الذكرى..
ليال الأنس قرب النيل..
عينيه، دفء يديه..
قبلته على الخدين..
اناديه تعال!
يرهقني الوهن..
غابات من الأحزان..
جذورها في الروح..
افرعها كما الأدغال..
يغذيها الشجن..
تقطنها وحوش القهر والحرمان..
فتفتك بي أذًى وجروح..
حتى المدينة تزايدت في شحوبها..
قد كنت وحدك لونها..
كيف تحويني بدونك يا رفيق؟
وأنت كل الحب..
كل الأمل في ارجائها..
بالله عد!
لكي تعود إلى الحياة حياتها!

فيقول لي :
يا حبيبة حين يأتي الشهداء..
يدندنون نشائد الحرية..
يحملون الأرض والسلام..
تحيطهم عدالة السماء..
يتوشحون السندس المخضر زهواً وبهاء..
يعانقون الشعب والثوار..
والكادحون الأشقياء..
أكفانهم علم الوطن..
اجسادهم مسكٌ يفوح في الأرجاء..
حينها آتي الى تلك البلاد..
ولتعلمي..
شلال أفكاري يصب عليك..
والشوق يا كلي يحرق في الفؤاد..
ما زال صوتك ملجئي..
ما زال حبك موطني في الإغتراب..
ما زال طيف مأنسي..
وبداية الأفراح في ليلي البهيم..
يرتب كل ما في الروح من فوضى..
ويأخذني إلى زمنٍ حميم
لكن قلبي يا حبيبة قد تصدع
في بلادي...
مأتمٌ في كل ركنٍ
صرخةٌ ظلت تُنادي:
أقتلوا الموت المعبأ في البنادق
يا عسكر السودان قل لي...
من تعادي؟
وأنا كما تدرين أنّي..
بعد مأساة القيادة ضاع كل الأمل مني
وتناثرت في الجو أشلاء العزيمة والتمني
كيف آتي يا حبيبة؟
وكل هذا الشرخ فيني؟
يكبل كل أفراحي ويدميني؟
وينسيني مذاق الدهشة الأولى
حين ضاقت بالهتافات الشوارع
يذكرني بأنهار الدماء
وصوت آلاف المدافع؟
وأنا ضعيف!
ومدينتي الأولى كريمة!
توزع الاوجاع مجانًا لكل العابرين..
وبي من الأوجاع ما يكفي لآلاف السنين...
كلا فإني لن أعود...
فأنا اكتفيت من المحازن والأنين...
#الاء_مالك