2022-03-14 14:21:41
قال تعالى : « إِنَّا عَرَضْنَا ٱلْأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلْأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلْإِنسَٰنُ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا » ( الأحزاب: 72 ) .
سؤال : لماذا ذكر الجبال بعد الأرض وهي جزء منها ؟
الجـواب : إن هذا من باب عطـف الخاص على العام ، وذلك لعظم خلقها ، فهي أعظم ما في الأرض .
وهذا النوع من العطف غير عـزيز في اللغـة ، فإنه يعطف الخاص على العـام لأهمية المعطوف ، وذلك نحو قوله تعالى : « حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ » (البقرة: 238).
فعطف الصلاة الوسطى على الصلوات وذلك لأهمية الحفاظ على هذه الصلاة .
ونحو قوله تعالى: « مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَٰفِرِينَ » ( البقرة : 98 )
فعطف جبريل وميكال وهـما من الملائكة وذلك لعظيم منزلتهما عند الله .
ثم إن الجبال ليست خاصة بالأرض فهي موجودة في قسم من الأجرام السماوية ، وعلى هذا فإن ذكرها أفاد ما لم يفده ذكر الأرض ، فربما عرض الله الأمانة على السماوات والأرض وعلى الجبال أينما كانت سـواء كانت في الأرض أم في غيرها .
ثم إن ذكرها بعـد ذكر الأرض فيه إشارة إلى أمـر آخر لطيف ، ذلك أن الجبـال إنما هي رواس للأرض لئلا تميد بنا ، قال تعالى : « وَجَعَلْنَا فِى ٱلْأَرْضِ رَوَٰسِىَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ » ( الأنبياء: 31 )
« وَأَلْقَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ رَوَٰسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ » ( النّحل: 15 ) .
وهذه الأمانة كالجبال رواس للإنسان تثبته لئلا تميد به الأهواء وتعصف به الشهوات ، بل هي تثبته في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى:
« يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ » ( إبراهيم : 27 )
وهي أدوم من الأرض والجبـال ؛ بل هي أدوم من السماوات ، فإن الأرض ستزول والجبال ستنسف والسماوات ستُبدل ، أمّا هذه الأمانة فإنها باقية تثبته في الحياة الدنيا ، وتثبته في الآخرة ، وتثبته على الصراط لئلا يسقط في جهنم.
فذِكر الجبال هنا بعد ذكر الأرض من لطيف المناسبات.
278 views11:21