Get Mystery Box with random crypto!

فهذا شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله، مع كونه ينكر | رَوْضَةُ الوِلَايَة

فهذا شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله، مع كونه ينكر ما يسمّى بنظرية (الصرفة) في إعجاز القرآن الكريم، ويرى أَنَّه يترتّب عليها توالي فاسدة لا يمكن الالتزام بها، ويخالفها في كتاب الاقتصاد الهادي إِلَى سبيل الرشاد، مع ذلك نراه يقول: «وأقوى الأقوال عندي قول من قال إنما كان معجزاً خارقاً للعادة لاختصاصه بالفصاحة المفرطة في هذا النظم المخصوص دون الفصاحة بانفرادها ودون النظم بانفراده ودون الصرفة، وإنْ كنت نصرتُ في شرح الجمل القول بالصرفة على ما كان يذهب إليه المرتضى رحمه اللّه من حيث شرحتُ كتابه فلم يحسن خلاف مذهبه». فانظر ـ أيّدك الله ـ كيف أَنَّه في كتاب شرح الجمل أيّد السَّيِّد المرتضى رحمه الله على نظرّيته، التي لا يرتضيها، وتجنّب مناقشته فيها، ليس إِلَّا لأنّه كان شارحاً لكلامه، فلم يحسن مخالفته، وناقشه في تلك النظرية في كتاب آخر، وهو كتاب الاقتصاد الهادي إِلَى سبيل الرشاد. كما أنّه ربما يكون قد فهم من كلام ابن عربي وشرح القيصري، أنّ تبرئة نساء النبيّ كان من خصوص الفاحشة، لا من كل شيء، فلم يرَ حينئذٍ أيّ موجب للردّ عليه.

⊙ ثالثاً: إِنَّ العلامة الشَّيْخ حسن زاده آملي، في كتابه المشار إليه (مُمِدّ الهمم في شرح فصوص الحكم) بعد أنْ انتهى من شرح وترجمة سبعٍ وعشرين فصّاً، وهي التي ذكرها (ابن عربي)، يستدرك عليه ويضيف فصّاً جديداً يسمّيه: (فصّ حكمة عصمتيّة في كلمة فاطميّة) يتكلّم فيه عن (22) موضوعاً يخصّصها ـ حسب تعبيره ـ بمظهر الإيمان وأحسن منازل القرآن عصمة الله الكبرى فاطمة بنت خاتم الأنبياء صلوات الله عليها. وفي هذا الفصّ يتكلّم بوضوح عن مقاماتها، ويكنّي عمّن آذاها. وبالجملة: ما ذكره في هذا الفص (حكمة عصمتية في كلمة فاطمية) تفوح منه بوضوح خصلة التولّي لأهل البيت عليهم السلام بما لم نره عند الكثيرين. بل يصرّح فيها بما لو تأمّلنا به لأبطل ما ذكره ابن عربي في النصّ الَّذِي هو محلّ الشاهد؛ حيث يقول: إِنَّ آية المباهلة تدل على تفضيل فاطمة المعصومة أم أبيها وأم الأئمة على جميع النساء، فلو كانت نساء النبيّ أطيب الأطائب على الإطلاق، لكان ذلك منافياً لمفاد آية المباهلة. اللهم إِلَّا أنْ يكون كلام ابن عربي محمولاً على ما ذكره بعض شرّاح الفصوص: «وإنما قلنا: إنّه أطيب الطيبين ونساؤه أطيب الطيبات؛ لأنّ الأفراد الإنسانية من حيث إنّ كلًا منها إنسان، ليس فيها خُبث، بل كلها طيّب بالطيب الذاتي، لأن كلًا منها مخلوق بيديه وحامل لما عنده من الصفات الإلهية. وكون بعضها طيباً بالطيب الصفاتى، وبعضها خبيثاً، إنما هو باتصاف البعض بالكمالات، والبعض الآخر بالنقائص‏».

⊙ رابعاً: إِنَّ مَنْ أراد أنْ يكوّن صورةً كاملةً عن عقيدة شخص، لا يمكن أنْ يأخذ ذلك إِلَّا من مجموعة كتبه وكلماته، ونصيحتي للأخ السائل أَنْ يرجع إِلَى رسالةٍ للشيخ المرحوم حول الإمامة، مطبوعة باللغة العربية، حيث يبيّن فيها حقيقة الإمامة الحقّة، ويبحث بحثاً مفصّلاً بما لا مزيد عليه ولم يسبقه إليه أحدٌ في قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 124]، ويثبت الإمامة لأولياء الله وعترة رسوله صلّى الله عليه وآله، وأنّها لا يمكن أنْ تكون إِلَّا بالنص، وأنّ من يدّعيها ويمارسها لا يكون إِلَّا منتحلاً لمقام ليس له. وفي هذه الرسالة يقول: «وفي الحقيقة مدحنا إياهم راجعٌ إلينا، أعني: إنّا إذا مدحناهم مدحنا أنفسنا؛ لأنّا نخبر عن حسن سريرتنا وطيب سجيّتنا وسلامة عين بصيرتنا، كالذي يمدح الشمس يخبر عن شدّة نور بصره وسلامة عينه، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا يحبّنا إِلَّا مؤمن، ولا يبغضنا إِلا منافق شقي». ومن المعلوم أَنَّ مَنْ يحارب عليّاً وسائر الأئمّة عليهم السلام، لا يكون محبّاً لهم، فيشمله ما في هذا الحديث. هذا، ويختم رسالته تلك بشهادةٍ منه فاصلة، فيقول:
(قال المؤلّف الفقير المفتاق إِلَى رحمة ربّه، والمشتاق إِلَى حضرة جنابه، الحسن بن عبد الله الطبري الآملي المدعو بحسن زاده آملي: أشهد أَنَّ هؤلاء أئمّتي وسادتي وقادتي، أئمّة الهدى ومصابيح الدجى وينابيع الحسنى، من فاضل طينتهم خلقتُ، وبحبّهم ولدتُ، وبحبّهم أعيش، وبحبّهم أموت، وبحبّهم أبعث حيّاً إن شاء الله تعالى. وبهم أتولّى ومن أعدائهم أتبرّأ. قد أفلح من استمسك بذيل ولايتهم، وفاز من دخل في حصن أمنهم وشرفهم، واغترف من قاموس علمهم، وارتوى من بحر جودهم‏، ومن أعرض عنهم فإنّ له معيشة ضنكاً، وهو في الآخرة من الخاسرين؛ لأنّهم شهداء الله على خلقه وخلفاؤه في أرضه وأبواب رحمته، وأنّهم نور الله وولاة أمره وخزنة علمه وعيبة وحيه، وبهم عرف الصواب وعلم الكتاب فمن أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصاه...‏)، فانظر ـ أيدك الله ـ كيف تفوح منها دلائل التولّي لهم والتبرّي من أعدائهم، ومصاديق الأعداء لائحة لمن كانت له عينٌ تبصر وبصيرة تدرك.