2022-06-20 18:14:06
تغلق باب غرفتها خلفها بقوة، تعرف انها تملك حقها الكامل في الغضب و ربما في مغادرة المكان، لكن لأنها لا تحب ان تصطدم بأحبائها، ولأن مسافات الغضب و سوء الفهم تصيب قلبها بالصدأ؛ لا تعرف كيف تغضب ممن تحب. لقد استخدموا قدرتهم كاملة في جعلها تبكي، وهي الرقيقة تتساءل بين دمعها:"كيف أزيل هذا الألم "
في قرارتها تعلم أن رد السوء ليس سوى سوء أكبر، لكن هذه هي الطريقة التي يتعامل بها العالم، انه يختبر كل مرة مقدرتها علي الصبر وعلي ان تكون النسخة الأفضل منها.
تخرج نحو الشارع بضيق كبير، عليها ان تواجه معركة اخرى، لقد خسرت للتو نقاشًا قادها الي نقطة الخوف الأولي ، في كل مرة تظن أنها تجاوزت مخاوفها، تجد الحياة ثغرة تبصق فيها علي مآمنها.
لكن رغم كل هذا الحزن و الالم ، تزيد رغبتها في ان تعيش سعيدة وأن تتمسك بالحياة أكثر.
رُوَّاد ستات الشاي يجعلون الشارع الضيّق أكثر ضيقًا بنظراتهم الفضولية ، تُسرع بخطواتها النحيلة ، إنها تريد أن تغادر الكلام الذي جعلها تغضب، تريد أن تترك ما حدث خلفها ، كما لو أنه لم يحدث.
كانت شهور طويلة علي آخر مرة غضبت فيها، سبق و تعلمت فن السخرية من الأحداث كطريقة للعيش وابتلاع الاشياء الفظة، لكنها الان تجد ان اجترار التنفس بات أمرًا صعيباً، تجلس علي قدميها لتهدئة روعها بينما تحاول ان تأخذ رشفة ماء بارد - قرب أحد البقالات.
( جيبيها افتحها ليك)
يقول صاحب البقالة بلطف، تمد له قارورة المياه دون أن تبرر ارتجاف يدها، ستتوقف عن التبرير، ستتوقف تمامًا عن محاولة شرح نفسها، في كل الاحوال هي لا تجني غير المزيد من سوء الفهم.
تتساءل، هل يمكن أن يسيء الله فهمها، ان ما يربطها به هو المحبة و الإيمان والعمل، هذا مثلث أمانها، لم تكن تملك مشكلة في التواصل معه، انها تشعر بانتمائها الكامل هناك، تعلم صراحتها في أنها تكره اله العادات والتقاليد الذي يعبده الكثير حولها، انه يجعل حياتها اكثر صعوبة ، لكن لا يمكن نكران وجوده ،ان تقبله فكرة أفضل بكثير.
تنقذ توازنها في اخر لحظة بعد ان تعثرت بإحدى الحفر وهي تقطع (شارع الزلط)، في ذات اللحظة التي تتجنبها فيها سيارة (متخطية) كانت ستقطع تفكيرها عبر حادث مروري فظيع.
( إن لعنة هذه البلاد ليس الموت وإنما البشتنة!)
تفكر في هول ما كان يمكن أن يحدث، لكن الله منحها فرصة أخرى ، ربما في يوم ما سيكون لها فرصة انقاذ هذه البلاد من الأمرين؛ الموت والبشتنة!
لكن الآن عليها ان تعرف كيف تتعامل مع نفسها وأن تعمل بجد، ربما يكون لها فرصة العيش في عالم أفضل.
بحيث لا يوجد سوء فهم في غضبها، ويمكنها ان تعبر الشارع دون أن تتعثر أو تفكر في احتمال قدوم سيارة متخطية!!
عليها ان تصنع الحياة التي تتمكن من العيش فيها!
#اسراء_حيدر
814 views15:14