2022-05-19 06:25:54
قال الله تعالى : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } [النساء:19] .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : [ يَعْنِي: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ امْرَأَةٌ وَهُوَ كَارِهٌ لِصُحْبَتِهَا، وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ فَيَضُرُّهَا لِتَفْتَدِيَ ] .
.
فيحرم على الرجل أن يوقع الضرر بالمرأة قصد التخلص مما التزم به من مهر مؤجل أو حقوق مالية أخرى ، فيضيق عليها عيشها ويضطرها إلى التنازل عن حقوقها أو خلعه .
قال الله رب العالمين : { وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [البقرة:229] ، فإن الزوجة هي من كره عشرته وأرادت المفارقة فتفدي نفسها بترك ما لها مقابل فكاكها .
ومن صور مضارة المرأة أن يطلقها زوجها ، فإذا قاربت عدتها على الانقضاء ردها ليوقع بها الضرر ويطيل أمد حبسها على ذمته مع تقصير في الحقوق وتأويل للنصوص أحيانا .
وكان هذا منتشرا في زمن الجاهلية ، فجاء الإسلام بإبطاله وتنظيم الحياة الزوجية ، قال تعالى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا } [البقرة:231].
وأيضا من صور وأشكال المضارة بالمرأة التعليق ، فتكون المرأة معلقة ، لا هي زوجة ولا هي مطلقة .
ويغلب هنا تضييع الحقوق من نفقة وسكنى واستمتاع واجب .
وقد تصير المرأة إلى أمور خاطئة بسبب مضارة زوجها لها فيبوء بإثمها العظيم .
{ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } .
وقضى كعب عند عمر لامرأة زوجها يتعبد ويهمل حقها في الفراش والأنس بأن يجعل لها حقها ، هذا وهو متفرغ لعبادة الرب - جل وعلا - فكيف وهو مهمل لها إعراضا أو قصد مضارتها .
(( فاستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم )) كما في الحديث .
واعلموا أن ما قد تصلون إليه من متاع زائل جراء مضارة المرأة قد تؤدون أضعافه يوم القيامة حسنات ، بل وقد تنزع منه البركة فتنفقونه ثم يكون عليكم حسرة وتندمون ، وقد يتلف ضعفه أو أضعافه جزاء وفاقا ، ومن أعجب العجب أن يضيع الرجل ذريته رعاية ونفقة وتوجيها بسبب رغبة مضارة أمهم لخلافات تقع بينهم ودوافع نفسية بل شيطانية ، ويرضى بأن يتولاهم غيره ، والناس يختلفون في نياتهم في الإنفاق ، فليس كل أحد يريد الأجر ووجه الله ، فانتبهوا .
وما حملني على كتابة هذه الخاطرة إلا ما بلغني مرات عديدة من وقائع مضارة الأزواج لزوجاتهم حتى ممن يظن فيه الخير والصلاح أحيانا ، فاتقوا الله واعدلوا وارقبوا الله فيمن ولاكم أمرهم .
اللهم أصلح أحوالنا وألف بين قلوبنا .
أبو عاصم نبيل التومي - حفظه الله ووفقه -
69 views03:25