2021-06-21 20:01:24
* العلاقة الحميمة :
قد لا تمتلك الجرأة الكافية لتنتحر كما فعلت مارلين مونرو . لكن إذا كان باطنك لا يعتمد على أي شيء خارجي ، بل على عالم ومساحة خاصين بك ، حينها يمكنك أن تغمض عينيك وتتحرك ، متناسيا وجود أي شيء آخر ، عندها يكون وكأنك تنتحر .
تنبع الحياة من الداخل وتنتشر في الفضاء الخارجي . لذلك يتوجب الحرص على التوازن ... أنا أدعوا دوماً إلى إحلال التوازن .
أنا لا أقول أن حياتك يجب أن تكون مثل الكتاب المفتوح ، مجرد فصول منه . فإذا كانت جميع فصول الكتاب مفتوحة ، ستكون وكأنك تقف عاريا وسط السوق . وإذا كان الكتاب مفتوحاً ، تكون وكأنك نهار بدون ليل ، أو كأنك صيف بدون شتاء . فأين ستستقر وتلجأ ؟ أين ستذهب لتصلي وتتأمل ؟
فلتكن حياتك ككتاب نصفه مفتوح للعامة والنصف الآخر سري وخاص ، ولا يسمح بالكشف عنه إلا للضيوف النادرين والمقربين .
وهذه الفصول الخاصة أشبه بالمخادع ، فإذا دخلت الحشود وخرجت منه فلن تعود مخادع بل تصبح كقاعة انتظار في المطار . فلا تسمح بالدخول إلى باطنك إلا نادراً جداً ، وهذا هو الحب .
إننا نعيش دوما مع الآخرين . فمنذ اللحظة التي يترك فيها الطفل رحم أمه ، لا يعود وحيداً أبداً ... إذ يصبح برفقة الأم والعائلة والأصدقاء والناس ، فتتسع دائرة المعارف والصداقات والعلاقات أكثر فأكثر ، حيث يحتشد الناس من حوله . وهذا ما ندعوه الحياة . وتظن أن حياتك تزداد غنى بازدياد عدد للأشخاص الموجودين في حياتك . وحين تبدأ رحلتك الباطنية ، تختفي كل وجوه الناس من حولك ، فتودع الجميع ؛ حتى أقرب أصدقائك وحبيبك . وسيأتي وقت لا يمكن لحبيبك أن يكون معك . وهو الوقت الذي ستحتل فيه مجدداً المساحة عينها كما في رحم الأم . لكن حينها لم تكن قد عرفت وجوه الناس ، لذا لم تكن تشعر بالوحدة . لقد كان الطفل سعيداً جداً في رحم الأم لأنه لا يوجد مقارنات هناك . ولأنه لم يكون يعرف الآخر ولم يكن يشعر بالوحدة ... إذ ليس لديه أدنى فكرة . وتلك هي الحقيقة الوحيدة التي يعرفها .
لكنك الآن أصبحت تعرف حشود الناس والعلاقات وبهجة وحزن العلاقات . وحين تدخل لباطنك يبدأ العالم بالاختفاء بحيث يصبح كالصدى ... وسرعان ما سيختفي الصدى أيضاً فيتوه الإنسان .
لكن هذه مجرد ترجمة . فإذا تمكنت من الغوص أعمق ، فستجد نفسك فجأة ... وستجد نفسك للمرة الأولى ، وستفاجأ عندها ، لقد تهت وسط الحشد ، أما الآن فلم تعد تائهاً . لقد تهت في غابة العلاقة ، أما الآن فقد عدت لمنزلك . وقد تعود مجدداً إلى العالم ، لكنك ستكون مختلفا تماماً .
سوف تقيم العلاقات لكن دون أن تعتمد على أحد ، سوف تحب لكن حبك لن يكون ضرورة . سوف تحب لكن دون أن تمتلك ما تحبه ، سوف تحب لكنك لن تغار ، وعندما يكون الحب خاليا من الغيرة والتملك ، سوف يكون صافياً ، وستكون مع الناس .
في الواقع ، عندما كنت تائها ، كانت فكرة وجودك مع الناس مجرد وهم وحلم . إنه مجرد نسج من خيالنا . ومالم تعرف حقيقة نفسك فسوف تخفق من إقامة العلاقات التي تبحث عنها دون المعرفة الذاتية ، هي مجرد وهم ، ويظن كل من الطرفين أنه يقيم علاقة مع الشخص الآخر ، لكنهما تائهان ولا يعرفان هويتهما الحقيقية . إذن ، من يقيم علاقة ومع من ؟
فما من أحد ! بل مجرد ظلان يلعبان لعبة . وبما أنهما ظلان ، فلا أساس للعلاقة . وهذا ما ألاحظة باستمرار حيث يقيم الناس علاقات بدون أساس . وذلك لمجرد خوفهم من الوحدة والضياع ، معتبرين أن أي نوع من العلاقات هو أفضل من عدمها . وحتى لو كانت العلاقة علاقة عداوة فهم على الأقل يشغلون أنفسهم بها .
لذا ، فإن حبكم المزعوم ليس سوى ضرب من العداوة ، وأسلوب لائق للقتال والنزاع والهيمنة ، إنه مجرد أسلوب متحضر لتعذيب بعضنا البعض .
لذلك يتوجب عليك دخول هذه المساحة ، واستجماع شجاعتك . وحتى لو شعرت بالحزن والوحدة ، لا تقلق ، إذ علينا أن ندفع الثمن . وحالما تصل إلى المصدر الأساسي لديك ، سوف يتغير كل شيء ، فتخرج منه فرداً . وهذا هو الفرق الذي أضعه بين الفرد والشخص ... الشخص هو نظرية زائفة أما الفرد فهو حقيقة .
الأشخاص والشخصيات هي مجرد أقنعة وظلال . أما الفرد فهو الجوهر والحقيقة . وحدهم الأفراد قادرون على إقامة العلاقات وعلى الحب ، أما الأشخاص فهم يلعبون .
#أوشو
@my_teacher1
30 views نوووور, 17:01