Get Mystery Box with random crypto!

سيد شباب أهل الجنة ما بين الإمامة والشهادة القسم الأخير ولما ق | فكر أهل البيت عليهم السلام

سيد شباب أهل الجنة ما بين الإمامة والشهادة
القسم الأخير
ولما قربوا من المدينة أنزل الإمام السجاد عليه السلام نساءه:فحط رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه وقال : يا بشر رحم الله أباك لقد كان شاعرا فها تقدر على شيء منه فقال بلى يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله إني شاعر فقال عليه السلام أدخل المدينة وانع أبا عبد الله عليه السلام قال بشير فركبت فرسي وركضت حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبي صلى الله عليه وآله رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منع على القناة يدار
قال ثم قلت هذا علي بن الحسين عليهما السلام مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه ، قال : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهن مخمشة وجوههن ضاربات خدودهن يدعون بالويل والثبور فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ولا يوما أمر على المسلمين منه...فقلت : أنا بشير بن جذلم وجهني مولاي علي بن الحسين عليه السلام وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبى عبد الله الحسين عليه السلام ونسائه قال فتركوني مكاني وبادروني فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط وكان علي بن الحسين عليه السلام داخلا فخرج ومعه خرقة يمسح بها دموعه وخلفه خادم معه كرسي فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك عن العبرة وارتفعت أصوات الناس بالبكاء وحنين النسوان والجواري والناس يعزونه من كل ناحية فضجت تلك البقعة ضجة شديدة . فأومأ بيده أن سكتوا فسكنت فورتهم فقال : الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين الذي بعد فارتفع في السماوات العلى وقرب فشهد النجوى نحمده على عظائم الأمور وفجائع الدهور وألم الفجائع ومضاضة اللواذع وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحة أيها القوم ان الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة في الاسلام عظيمة قتل أبو عبد الله الحسين عليه السلام وعترته وسبى نسائه وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان وهذه الرزية التي لا مثلها رزية ، أيها الناس فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله أم أي فؤاد لا يحزن من أجله ، أم أيه عين منكم تحبس دمعها وتضن عن أنهما لها فلقد بكت السبع الشداد لقتله وبكت البحار بأمواجها والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها والسماوات بأركانها ، البحار والملائكة المقربون وأهل السماوات أجمعون . يا أيها الناس أي قلب لا ينصدع لقتله أم أي فؤاد لا يحن إليه أم أي سمع لا يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام ولا يصم ، أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين وشاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبناه ولا ثلمة في الاسلام ثلمناها ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هذا إلا اختلاق والله لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظها وأمرها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا فإنه عزيز ذو انتقام . قال الراوي : فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمنا فاعتذر إليه صلوات الله عليه بما عنده من زمانة رجليه فأجابه بقبول معذرته وحسن الظن فيه وشكر له وترحم على أبيه.اللهوف في قتلى الطفوف،ص115.
ثم إن الإمام السجاد عليه السلام ومن معه دخلوا المدينة ونظروا إلى منازل قومهم فوجدوها موحشة تحاكي فقد مصباح الهدى وسفينة النجاة وكأن سكونها يندب بالويل والثبور وظلالها يستعبر الأسى والأحزان ، ويتساءل صمتها المهيب بكل لسان عن حال سيدها أين هو وفي أي مكان ؟! منازل تشجي قلوب ناظريها وتميتهم كمدا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون.