عبادَ الله: القرآنُ العظيمُ كلامُ اللهِ -جلَّ وعلا-، وهو كتابُ هدايةٍ ونورٍ ورحمةٍ وشفاءٍ، وهو علاجٌ لجميعِ الأمراضِ النفسيةِ والجسديةِ، ومِنْ أعظمِ أسبابِ الوقايةِ مِنْ شياطينِ الإنسِ والجنِ، ولا شفاءَ لأرواحِ الموحِّدِينَ وقلوبِ العابدينَ إلا بالقرآنِ.
وقَدْ خصَّ اللهُ -جلَّ وعلا- بعضَ سُوَرِه وآياتِهِ بِبَعْضِ الفَضائِلِ التي لا تُوجَدُ في غيرِها. ومنهَا سورةُ البقرةِ، وقد افْتَتَحَهَا اللهُ -جلَّ وعَلا- بِذِكْرِ القرآنِ وَصِدْقِهِ وهِدايَتِهِ لِلمُتقينَ وأوْصافِهِمْ، والكافرينَ، والمنافقينْ، وذكْرِ قصةِ بني إسرائيلَ، وبعضِ أحكامِ العباداتِ والمعاملاتِ وغيرِهَا. وقد اشتملتْ هذهِ السورةُ على كثيرٍ من الفضائلِ، ومن ذلكَ:
أولاً: أنَّ أخْذَهَا بركةٌ، وترْكَها حسرةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البطلةُ: قالَ -صلى الله عليه وسلم-: “اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ“. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ.(رواه مسلم).
ثانياً: أنَّ قراءتَهَا تزيدُ المسلمِ حصانةً ومنعةً وحفظًا من الشياطينِ في نفسهِ وبيتهِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا تَجْعَلوا بيوتَكم مقابرَ، إنَّ الشيطانَ يَنْفِرُ من البيتِ الذي يُقْرَأُ فيه سورةُ البقرةِ“(رواه مسلم)؛ أي: لا تَجْعَلُوا بُيوتَكُم خالِيَةً مِن الذِّكرِ والعِبادَة، فتكونُ كالمقابرِ، وتكونون َكالمَوْتَى فيها. وخاصةً قراءةَ سورةِ البقرةِ والتي يَنْفِرُ بسببِهَا الشيطانُ من البيتِ الذي تُقرَأُ فيهِ.
ثالثًا: اشتمالِهَا علَى أعظمِ آيةٍ فِي القرآنِ الكريمِ، وهي آيةُ الكرْسِيِّ فعن أُبَىِّ بن كعب -رضي الله عنهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ له: “يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أتَدري أيُّ آيةٍ من كتابِ اللهِ معَكَ أعظَمُ؟” قالَ: قُلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلمُ. قَالَ: “يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أتَدري أيُّ آيةٍ من كتابِ اللهِ معَكَ أعظمُ؟” قلتُ: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ). قال: فضَربَ في صَدري؛ وقال: “واللهِ لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المنذرِ“(رواه مسلم).
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيم ونفعنِي وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقولُ ما سمعتمْ فاستغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّهُ هو الغفورُ الرّحيم.