2022-09-18 05:03:05
{قد نرى تقلب وجهك في السماء} !
هذه الجملة القرآنية سبقتها فاصلة تناسبها مناسبة بديعة:
{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}
إن الله بالناس لرؤوف رحيم قد نرى تقلب وجهك في السماء!
كان نظر نبينا صلى الله عليه وسلم يتقلب في السماء، بأشواقه الطاهرة السامية، يتنسَّم نسائم الخير واللطف من تلك الجهة،
يفرغ حنين فؤاده إلى الكعبة، وإلى أن يكون لأمته القدح المعلى في الشرف
- باتباعها قبلة إبراهيم عليه السلام- بتقليب نظره في السماء، تقليب المتأمل في ربه أن يرى قوة تعلقه بمراده؛ فيرحمه وإن لم ينطق لسانه!
ولقد كان!
وليس غريبًا ماكان؛ فهذا شأن الرؤوف الرحيم!
النظر يتقلب، والله يرى!
حتى لو لم ينطق لسانك؛ إن ظهر منك شدة الشوق لمرادك، سواء بالنظر إليه، أو بالتفكير فيه، سيكون أثر ذلك أن يرأف بحالك ويرحمك، رحمة من يعلم المصلحة، فيعطيك ماتشتاق إليه إن كان فيه مصلحة!
أما إن خلا من المصلحة؛ فإن رحمته ورأفته أعجب وأعجب :
إما أن يذيقك سبحانه بعضًا مما تشتاق إليه نفسك؛ فتكرهه، وتمله، وتعرف بنفسك حقيقة أنه لايصلح لك؛ فتقر عينك ولاتحزن بعد ذلك على منعه، وما منا إلا وقد كانت له آمال يتأملها، ويراها كالنجم الغابر في الأفق؛ حتى إذا أدرك طرفها، وذاق شيئا من طعمها؛ رأى رحمة الله به إذ صرفها عنه، وصرفه عنها!
أو يريك عبرة في غيرك؛ فيذهب الشوق من قلبك بمجرد الاعتبار؛ ولكن هذا لايدركه إلا ذوو الألباب، الذين يبدؤون من حيث انتهى الآخرون، لا من حيث ابتدؤوا؛ أما غيرهم؛ فيصرون على سير الطريق من أوله، ويتعثرون بكَدَراته، وقد يصلون، وقد لايصلون!
كلما ازداد الإنسان إيمانا بالله، وثقة بربوبيته ، عامله الله معاملة : {كي تقر عينها ولا تحزن} !
معاملة من يطيب خاطره؛ فلا يتركه مجروحا!!
يوقع البلاء، ليميز الخبيث من الطيب، وليكفر الذنوب، وليرفع الدرجات؛ ولكنه لا يخرجك من البلاء إلا مطيَّب الخاطر!
فاقبل تطييبه، ولا تبق تنظر لما هو أعلى؛ فإنه الحكيم يطيب كل شخص بحسبه!
7.5K views02:03