وفي هذا المَعنى يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُخاطِبًا أصحابَه :
● «أَلَا أَدُلُّكم» ، أي : ألَا تُريدون أن أُخبِرَكم وأُطلِعَكم ، على سببٍ منَ الأسبابِ التي يُغفَرُ ويُمحى بها الذُّنوبُ والمَعاصي ، ويكونُ أيضًا سَببًا في عُلُوِّ المَنزِلةِ في الدُّنيا والآخِرةِ؟
● فقال الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم : بَلَى يا رَسولَ اللهِ ، دُلَّنا على ذلك الخيرِ.
● والأمرُ الثَّاني : هو الإكثارُ مِنَ الذَّهابِ إلى المَساجِدِ لإدراكِ الجَماعاتِ.
● والأمرُ الثَّالِثُ : انتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ ، بالبقاءِ في المَسجِدِ وانتظارِ الفرائضِ بها ، لا يَقطَعُه منها إلَّا الحاجَةُ.
● ثُمَّ بيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذه الأعمالَ الثَّلاثةَ هي : الرِّباطُ ، أي : يكونُ صاحِبُها في مَنزِلةِ مَن يُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ تَعالَى ، والمُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ تَعالَى هو الَّذي يُلازِمُ ثُغورَ وحُدودَ بِلادِ المُسلِمينَ مع بِلادِ الكُفَّارِ لحِراسَتِها ، وهذا من أعظَمِ الأعمالِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ.
فسَمَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه الأعمالَ مُرابَطةً ؛ لكَونِها تَسُدُّ طُرُقَ الشَّيطانِ على النَّفسِ ، وتَقهَرُ الهَوى ، وتَمنَعُ النَّفسَ من قَبولِ الوَساوِسِ ، فيَغلِبُ بها حِزبُ اللهِ جُنودَ الشَّيطانِ ، وذلِكَ من الجِهادِ ؛ فكانت بمَنزِلةِ الرِّباطِ.
□ وفي روايةٍ أنَّه كرَّرَ قولَه : «فَذَلِكُمُ الرِّباطُ» للإسماعِ والتَّأكيدِ بما في تِلك الأعمالِ من عِظَمِ أجرٍ.