Get Mystery Box with random crypto!

أتدري ما هو الإسلام الذي يحبّ الله أن تتّصف وتَنْصَبِغ به؟ لا | ☘️ قناة د عبدالله الجعيثن ☘️

أتدري ما هو الإسلام الذي يحبّ الله أن تتّصف وتَنْصَبِغ به؟
لا تظنّ أنّ الإسلام الذي يحبّ الله أن تتّصف وتَنْصَبِغ به مقتصرٌ على قيامك بأركان الإسلام الخمسة, وببقية الواجبات وترك المحرمات..
بل الإسلام الذي يحبّه الله بقدر عدد أنفاسك, وحركاتك وسكونك؛ لأنّ في كلّ صفة وضدّها عبوديّةً يحبّها الله, فالفرح له عبودية, وضده الحزن له عبودية, والجوع له عبودية, وضده الشِّبع له عبودية, واليقظة له عبودية, وضده النوم له عبودية, والغنى له عبودية, وضده الفقر له عبودية؛ وذلك بأنْ تكون لله عبدًا محتاجًا له متذللاً له, مستشعرًا أنَّ كلَّ حركة وسكون ينبغي أن تكون لله.
كما قال الله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.
أي: قل يا رسول الله: إنّني لا أبتغي من صلاتي, وذبحي, وما آتيه في حياتي, وما أموت عليه من الإيمان والعمل, إلا وجه الله وحده, لا أبتغي بها حظوظ نفسي, ولا راحتها ولا رفعتها, ولا أبتغي بها تعظيم مخلوقٍ أو مداهنته, مهما علا شأنه, وعظم قدره.
قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله في تفسير المنار (8/ 215): "في معنى كون حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وموته - وكذا من تأسَّى به - لله وحده: هو أنه قد وجَّه وجْهه وحَصَر نيَّته وعزْمه في حبْس حياته لطاعته ومرضاته تعالى، وبذَلَها في سبيله؛ ليموت على ذلك, كما يعيش عليه..
وبهذا تكون الآية جامعة لجميع الأعمال الصالحة التي هي غرَض المؤمن الموحِّد من حياته, وذَخيرتُه لمماته، يجعلها خالصةً لله رب العالمين.".
ومن استشعر هذا المعنى أكْسبه عدة فوائد نفيسة عظيمة جليلة:
الفائدة الأولى: شعوره بالتقصير والتفريط في حقّ الله تعالى عبادةً ودعوةً وإسلامًا خالصًا, وأنه حتى الآن لم يسلم إسلاما جيّدا, وهذا يدفعُه إلى تجديد إسلامه لله تعالى كلّ وقت وكلّ حين.
وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا أُثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعدُ إسلاما جيِّدا. [مدارج السالكين: 1/520]
الفائدة الثانية: ملازمته للاستغفار والتوبة من تقصيره وتفريطه في القيام بحقّ العبودية لله في كلّ شؤونه.
ولَمَّا استشعر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كثيرَ التوبة والاستغفار, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة». رواه مسلم (2702).
الفائدة الثالثة: تخلّصه من داء العُجب والكبر, اللذين همام أساس جميع أمراض القلوب, ومتى توغلا في قلب اجتثا بذور وعروق كلّ خير وبرّ فيه, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». رواه مسلم (91).
فمثقال ذرة من كبر تمنع صاحبها من دخول الجنة - وهي جزء يسير من الكبر - فكيف بمثاقيل الذرِّ من الكبر؟ بل كيف بالكبر كلّه؟
اللهم اهدنا واهْد بنا, وأصلحنا وأصلح بنا.
كتبه: أحمد بن ناصر الطيار