Get Mystery Box with random crypto!

[المقال (206)] بسم الله الرحمن الرحيم ● رسالة لمن ينصح الحكام | كشكول عزالدين أبوزخار للبحوث والمقالات العلمية

[المقال (206)]
بسم الله الرحمن الرحيم
● رسالة لمن ينصح الحكام – السني أو المبتدع - وينكر عليهم على المنابر ●

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالمتقرر عن أئمة السنة وعلماء الملة أن نصيحة الحكام تكون سرا، وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة وفرضه ربنا سبحانه وتعالى علينا وأوجبه رسوله عليه الصلاة والسلام، وهذا ما يقرره بعض أهل العلم في النصيحة للحاكم الكافر فضلا على أن يكون مسلما مبتدعا فضلا على أن يكون سنيا.
قال الله تعالى: {ذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}.
قال العلامة عبد المحسن العباد البدر حفظه الله في ((قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني)): ((ثمَّ إنَّ النَّصيحةَ لوُلاة الأمور وغيرِهم تكون سرًّا وبرفقٍ ولينٍ، ويدلُّ لذلك قولُ الله عزَّ وجلَّ لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى})) اهـ.
وعن عياض بن غنم أنه قال لهشام بن حكيم رضي الله عنهما: ألم تسمع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدّى الذي عليه)).
أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) وأحمد، في ((المسند)) والحاكم في ((المستدرك)).
وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): ((رواه أحمد ورجاله ثقات))، والحديث صححه الألباني في ((ظلال الجنة في تخريج السنة)).

قال العلامة السندي رحمه الله في ((حاشيته على مسند الإمام أحمد)): ((في قوله: ((من أراد أن ينصح لسلطان))، أي: نصيحة السلطان ينبغي أن تكون في السِّر، لا بين الخلق)) اهـ.
وهذه طريقة الصحابة في النصح.
عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قيل لأسامة: ألا تدخل على عثمان فتكلِّمَه؟
فقال: أتُرَوْن أَنِّي لا أُكلِّمُه إلاَّ أُسمعُكم؟ والله! لقد كلَّمْتُه فيما بيني وبينه ما دون أن أفتحَ أمراً لا أُحبُّ أن أكون أوَّلَ مَن فتحَه.
أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((قوله: قد كلمته ما دون أن أفتح بابا أي كلمته فيما أشرتم إليه لكن على سبيل المصلحة والأدب في السر بغير أن يكون في كلامي ما يثير فتنة أو نحوها)) اهـ.
وقال الإمام الدين الألباني في تعليقه على ((مختصر صحيح مسلم)) (رقم: 335 ) : ((يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ ؛ لأن في الإنكار جهاراً ما يُخشى عاقبته ؛ كما اتفق في الإنكار على عثمان جهاراً ؛ إذ نشأ عنه قتله)) اهـ.
وطريقة المحققين من أهل السنة في تقرير هذه المسألة وهو السر في النصيحة لولاة الأمر.
قال الإمام ابن باز رحمه الله في ((مجموع فتاوى)) : ((ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة.
ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكما ولا غير حاكم)) اهـ.
وقال الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((رسالة حقوق الرعي والرعية)): ((الله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان وان لا تُتخذ من أخطاء السلطان سبيلًا لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمر، فهذا عين المفسدة وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة)) اهـ.
وقال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله في ((شرح الأربعين النووية)): ((والنصيحة لأئمة المسلمين أن يُعْطَوا حقهم الذي أعطاهم الله جل وعلا إياه، ...
ثم قال:
أيضًا من النصيحة لهم أن تبذل النصح لهم، بمعنى النصح الذي يعلمه الناس، بأن تنبههم على ما يخطئون فيه، وما يتجاوزون فيه الشريعة لمن وصل له، وهذه المرتبة كما قال ابن دقيق العيد في شرحه وغيره هذه فرض كفاية تسقط بفعل البعض من أهل العلم ونحوهم، فحق ولي الأمر المسلم أن يُنْصَح، بمعنى أن يُؤْتَى إليه، وأن يُبَيَّن له الحق، وأن يُبَصَّر به، وأنْ يوضح له ما أمر الله جل وعلا به، وما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم وأنْ يُعان على الطاعة، ويسدد فيها، ويُبَيَّن له ما قد يقع فيه من عصيان أو مخالفة للأمر)) اهـ.