Get Mystery Box with random crypto!

وهذا ليس ببعيد لأن القلب إذا انشغل بشيء أعرض عن غيره، فإذا كان | كشكول عزالدين أبوزخار للبحوث والمقالات العلمية

وهذا ليس ببعيد لأن القلب إذا انشغل بشيء أعرض عن غيره، فإذا كانوا يتابعون قراءة المسجد المجاور وكانت قراءة الإمام جيدة في الصوت والأداء فإن القلب قد يلهى عن الإمام الذي بين يديه، وقد ثبت في موطأ الإمام مالك رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة وأصحابه في المسجد يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن المصلي يناجي ربه فلينظر بم يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن))، وعند أبي داود ((ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة))، فجعل هذا أذية ونهى عنه والواقع شاهد بذلك، ولهذا نرى أن الذين يفعلون هذا، يؤدون الصلاة عبر مكبر الصوت نرى أنهم إذا كانوا يؤذون من حولهم فإنهم آثمون، فإذا كان هذا العمل يكون فيه الإنسان إما آثما وإما سالما، فلا شك أن تركه أولى، وهو في الحقيقة لا فائدة منه، لأن الإنسان لا يصلي إلى من هم خارج المسجد، إنما يصلى لأهل المسجد، أما الذين في الخارج فلا عليك منهم، ثم إن هذا العمل فيه مفسدة أخرى: وهي أن بعض الناس يتكاسل عن آتيان المسجد للصلاة ما دام أنه يسمع صوت قراءة الإمام، فيتكاسل وكلما أراد أن يقوم ثبطه الشيطان وقال له انتظر الركعة الثانية، انتظر الثالثة، اجلس حتى لا يبقى إلا ركعة، فيحرم بذلك من الخير، لهذا نوصى إخواننا لاسيما الأئمة ألا يفعلوا هذا، وأن تسلم ذممهم ويسلم إخوانهم من أذيتهم حتى في البيوت أيضا، ربما بعض الناس يكون قد صلى ويجب أن ينام ويرتاح، قد يكون مريضا فيزعجه هذا الصوت، وقد يكون المسجد قريبا من السطوح في أيام القيظ وفيه الصبيان فيفزعهم صوت المكبر، فالحاصل أن هذه المسالة ابتلى بها بعض الناس نسأل الله أن يعافينا وصاروا يؤذون من بجوارهم من المساجد أو البيوت في أمر لا فائدة منه)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله في ((تعليقات على الكافي لابن قدامة)): ((ومن هذا ما حدث أخيراً من رفع الصلاة على مكبر الصوت في المنارة، فإن بعض المساجد إذا سمعوا تكبير من حولهم ظنوه إمامهم فركعوا أو سجدوا، بل إن بعض المأمومين إذا كان قراءة جارهم في المسجد قراءة جيدة مجودة بصوت حسن يمشون مع هذا الإمام ويتركون إمامهم، ما يدرون ما الذي قرأ يمشون مع هذا الإمام فإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} قالوا: آمين، وإن كان إمامهم في سورة أخرى وهذا من مفاسد رفع الصلاة بمكبر الصوت من فوق المنارة)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله في ((جلسات رمضانية)): ((وفي حديث آخر: ((لا يؤذينَّ بعضُكم بعضاً)) فجعل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا إيذاءً، وصدق رسول الله، إذا سَمعتَ إنساناً يَجهر بالقراءة حولك، وأنت تصلي لا شك أنه يؤذيك، ويشوش عليك، وربما تكرر الآية مرتين أو ثلاثاً مع الانشغال.
ومن هنا نأخذ خطأ أولئك الذين يصلون في المنارة، الآن بعض الناس في المنارة يفتحون مكبر الصوت على المنارة وهو يصلي الفريضة أو النافلة، هذا لا شك أنهم مخطئون، وأنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة؛ لأنهم يؤذون من حولهم من أهل البيوت، يمكن بعض الناس يريد يصلي، ومن النساء من تصلي في بيتها، وهذا مكبر الصوت يشوش عليها، ما يتركها تصلي، ربما يوجد أناس في البيوت يحتاجون إلى نوم وراحة، لمرض أو غير مرض، فيشوش عليهم هذا الصوت، ويزعجهم ويقلقهم، وأيضاً في المساجد المتقاربة يحصل التشويش، ولقد حُدِّثْت أن بعض الناس في المساجد القريبة تكون قراءة إمام المسجد الذي هو جار لمسجدهم قراءة جيدة، وإلقاء طيب، وصوت جميل، فينسجمون معه، ويتركون إمامهم، فإذا قال المسجد المجاور: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قال هؤلاء: آمين، أحياناً ربما يرفعون معه، هذا من أعظم الجناية على الناس.
ولهذا أنا أرجو منكم إذا سمعتم مسجدنا على هذا أن تنصحوه لله، وتقولوا: إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام هو الحكم بيننا وبينك فهذا كلامٌ لأصحابه، قال: ((لا يؤذين بعضُكم بعضًا في القراءة)) هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو الحكم عليه الصلاة والسلام: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] نحن لا نعارضك بعقولنا، حتى تقول: أنا عندي عقل مثلك، نعارضك بنص واضح، وأنت تؤذي، لا أحد يشك في أذيتك)) اهـ.
بهذا يتبين خطأ ما يقع فيه أئمة المساجد من فتح المكبرات على المنارات، وهم أقرب للإثم من السلامة.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الجمعة 19 رمضان سنة 1440 هـ
الموافق لـ: 24 مايو سنة 2019 ف