. غنيمة عامك.. مبارك عليكم دخول شهر رمضان المبارك، بارك الله | أفياء🌿
.
غنيمة عامك.. مبارك عليكم دخول شهر رمضان المبارك، بارك الله لنا ولكم في الشهر الفضيل، وأعاننا وإياكم على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا، وجعلنا وإياكم ووالدينا من عتقائه من النار.
هذه أجمل تهئنة نسمعها على مدار العام. فاللهم بلغنا روحانية رمضان، وسكون أجوائه، وحسن الصيام والقيام فيه.
موسم يغفر لك فيه ما تقدم من ذنبك، يستحق أن تُهيئ له محرابك، وتعد له العدة، وتتأهب لاستقباله وحسن ضيافته.
استعن بخالقك، ورتب جدولك، ونظم أولوياتك، ودون مهامك، وعدد نواياك، فإنك بخير ما دمت تنوي الخير. وإن مما يسعد القلب، وتسر به الروح، أنه لو قدر الله وحال بينك وبين القيام بما نويت به -إن نويت به عازما بذلك صادقا- مرض، أو موت، أو أي قدر من أقدار الله، فإن لك من الفضل كما لو قمت به.
إذاً من الآن انطلق، وتخفف، وفرغ نفسك وخطط.
*خفف على الروح حملها من الذنوب بالاستغفار والتوبة، وكثرة اللهج، وصدق اللجأ إلى الله. *فرغ ذهنك من الأفكار المشتتة، والمهام المتراكمة، والأمور المبعثرة، والأمور المزعجة. *خطط فعليا، ولا تكن خياليا، خطط وفق إمكانياتك، وكل باب خير يمكنك أن تلجه في شهر الخير؛ انو القيام به.
ثم إياك والركون إلى تخطيطك، بل تبرأ من حولك وقوتك، واجعل اعتمادك الكلي على الله، فإنك لو تعبت وبذلت ليل نهار، لن تنتفع ولن تقوى ولن تستطيع؛ إن أنت ركنت إلى نفسك، فاحذر أن يدخل عليك الشيطان من هذا الباب، فتندم. *اغتنم رمضانك، فإنه فرصتك، وغنيمة عامك. *أقدم، وأر الله من نفسك خيرا، ولا تتوان، فالعجلة مذمومة، إلا في أعمال الخير، أقبل وبادر، بل وسارع. وليكن شعارك في رمضان هذا: "لئن بلغني الله رمضان ليريّن ما أصنع!"، واعمل على تحقيق ذلك، بصدق وجد وعزم.
ثم إذا دخل رمضان، تذكر شروط المغفرة التي وعد بها من بلغ رمضان، وهي: أن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا، وأن يجتنب الكبائر.
فصم مستشعرا عظم فضل المغفرة، وجاهد أن يكون صومك كما أراد الله، وكلما فترت همتك، اشحذها بالاستعانة بالله، وكثرة دعائه، والتضرع بين يديه، ولا بأس بمعينات أخرى؛ كالسماع لبعض المقاطع المؤثرة، أو قراءة بعض المقطوعات المعبرة. زد ابتهالاتك، أطل صلاتك، ضاعف سجداتك، أكثر من استغفارك، زد أذكارك، بح بحاجاتك، كثف دعواتك، نوع نواياك، وسع صدقاتك، وابتعد عن كل مايشغلك، فالدقيقة في رمضان ثمينة جدا.
فإن أنت عملت على ذلك؛ ستخرج من رمضان بإذن الله بروح أخرى، وقلب مغاير عن ذي قبل.
وكأني بك بعد هذا كله، وبعد بذل الجهد، وشحذ الهمة، وقد انقضت أيام الشهر مسرعة، وثبت ظهور هلال عيد الفطر المبارك -إن شاءالله تعالى-، ولهج الناس بالتكبير، وقد تهلل وجهك، وابتهجت روحك؛ لمّا خالطت بشاشة الإيمان قلبك، وسكنت نفسك بكثرة الطاعات، وازدانت حياتك ببذل الخيرات، وزاد يقينك برب البريات، وعلمت أن الأُنس كل الأُنس؛ بإقامة الصلاة، واللهج بالدعاء، وتلاوة القرآن، وكثرة الذكر، والتقرب إلى الله بسائر القربات؛ من صلة رحم، وبذل معروف، وتفريج كربة، وتقديم مساعدة، وغير ذلك.
ولكن إياك إياك بعد هذا كله أن تهدم بنيانك، وتنكث توبتك، وتخلف عهدك، وتنقض غزلك، فتكون كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.
ثم احذر من الاغترار بعملك، فيدخل العجب قلبك، فإن داء العجب كفيل بإحباط ما قدمت، وإنك والله مهما بلغت وقدمت من العمل، ستبقى مقصرا في جنب الله. وليكن شعارك قول الله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).
أما إن كنت ممن فرط وتوانى، فأحسن الله عزاءك، وجبر مصابك، وغفر لك، وتجاوز عنك.
وأخيرا.. إن مما يحفز النفوس، ويحرك القلوب، تذكر حال الأموات الذين يتمنون دقيقة واحدة من رمضان، وأنى لهم ذلك. فالرمضانات ستتوالى، والأعوام ستمضي، لكن الذي لا مفر منه أن إحدى الرمضانات لن نكون على وجه الأرض. ثم مايدرينا هل سندرك رمضان هذا أم لا، وإن أدركناه هل سنكمله أم لا.
اللهم إن بنا من الشوق لرمضان ما تعلمه، فبلغنا إياه، وأعنا فيه على الصيام والقيام إيمانا واحتسابا، وبلغنا ليلة القدر واجعلنا ممن يقومها إيمانا واحتسابا، واجعلنا في هذا الشهر ووالدينا من عتقائك من النار. اللهم يا غفور يا عفو يا تواب يا رحيم يا ستير، اغفر واعف وتب وارحم، واستر على أحبابنا الذين سبقونا، واجعلهم يتنعمون بفضلك، ورحمتك، وكرمك، وجودك، وإحسانك، في فردوسك الأعلى من الجنة.
