. واكتمل البدر .. ها هو البدر اكتمل، وما بعد الكمال إلا ا | أفياء🌿
. واكتمل البدر ..
ها هو البدر اكتمل، وما بعد الكمال إلا النقصان!. لقد انصرمت نصف أيام شهرنا بأسرع مما توقعنا، وما النصف الباقي إلا أسرع انصراما من الأول!. فاللهم اجبر قلوبنا بفراق رمضان، بالقبول لقليل العمل، بجزيل العطاء.
ومن قصر لا يقل: قصرت، وماذا ينفع الآن؟ بل قد تدرك رحمة من رحمات الله فيما بقي، ما كنت ستدركها في أول الشهر، رحمة قد تفتح لك من أبواب التوفيق والفرج، ما كانت ستتفتح لك في البداية. فتدارك تقصيرك، واعزم على ذلك.
أما من اجتهد وسار وفق ماكان يرجو؛ حذارِ أن تغتر، ويدخلك العجب، فقد يكون هذا سببا لإحباط عملك، فيصبح من هو أقل عملا منك أفضل عند الله تعالى!. ثم تذكر أنك مهما بذلت فإن من الناس من هو أفضل منك بكثير، إلى الحد الذي يدهشك.
ورمضان أيامه مُسرعات، وما بقي أسرع مما أدبر، وككل سنة سنصحو على هلال شهر شوال، ونعض أصابع الندم حينها على ماكان، ونعد أنفسنا أننا سنعوض في رمضان القادم إن أدركناه. وها هو رمضان انتصف، وأنت أنت.
إن من شكر الله على نعمة البلوغ هذه أن تتدارك وقتك، وتعزم وتنوي الخير، فإنك بخير ما نويت الخير، ولو قدر الله لم تفعل ما نويت -لعذر حقيقي-، فإن لك من الفضل كما لو قمت به. ومما يعين على استغلال ما بقي، أن في نهاية شهر رمضان أفضل الأيام؛ أيام العشر، وفي هذه العشر، أشرف ليلة؛ ليلة القدر، فتعرّض لنفحات الله ورحماته سائر وقتك، فقد تدركها في لحظة تكون سبب نجاتك دنيا وآخرة.
ووالله إن مابقي من أيام هذا الشهر المبارك، لتستحق منك الاستعداد، والاستنفار، والجد والاجتهاد، فنوع في عباداتك وطاعاتك وإحسانك، أكثر من تضرعك وابتهالاتك، واضرب في كل معركة سهما، وأخلص لله واحتسب، وأبشر بخيريّ الدنيا والآخرة.
وفي الختام: إن الأهم من ذلك كله، هو التبرؤ من حولك وقوتك، ثم اللجوء إلى ربك، واستعانتك به وحده، فإنك لن تقوى على فعل شيء، إلا بإعانته وتسديده وتوفيقه.
نسأل الله أن يعيننا وإياكم على استغلال مابقي من الشهر، على الوجه الذي يرضيه عنا، وأن يجعلنا فيه ممن غفر له ما تقدم من ذنبه، وأن يجعلنا ووالدينا من عتقائه من النار، وأن يبلغنا بكرمه ليلة القدر، ويوفقنا فيها للقيام إيمانا واحتسابا، وأن لا ينقضي الشهر إلا وقد أعطى لكل منا سؤله، وبلغه مراده، وحقق له أمله، وجعل في ذلك كله خير له. آمين آمين آمين.
