قرأتُ يومًا عن أعز أصدقاء جنكيز خان، فإذا هو صقره الذي يلازم ذراعه، فيخرج به، ويهديه إلى فريسته؛ ليطعم منها، ويعطيه ما يكفيه.
صقر جنكيز خان كان مثالا للصديق الصادق، حتى إن كان صامتا، وذاك أن جنكيز خان خرج يومًا إلى الخلاء وحده، ولم يكن معه إلا صديقه الصقر، فانقطع بهما المسير، وعطشا، فأراد جنكيز خان أن يشرب، فوجد ينبوعًا في غابة أسفل جبل، فملأ كوبه، وحينما أراد شرب الماء الذي اغترفه من الينبوع جاء الصقر، وانقض على الكوب؛ ليسكبه، حاول جنكيز خان مرة أخرى، ولكن الصقر مع اقتراب الكوب من فم جنكيز خان يقترب، ويضرب الكوب بجناحه، فيطير الكوب، وينسكب الماء.
تكررت المحاولة للمرة الثالثة، فاستشاط جنكيز خان غضبًا، وأخرج سيفه، وحينما اقترب الصقر؛ ليسكب الماء ضربه ضربة واحدة، فقطع رأسه، ووقع الصقر صريعًا، فأحس جنكيز خان بالألم لحظة وقوع السيف على رأس صاحبه، وتقطع قلبه لما رأى الصقر يسيل دمه، فوقف لحظة، وصعد فوق الينبوع: ليرى بركة كبيرة يخرج من بين ثنايا صخرها منبع الينبوع، وفيها حية كبيرة ميتة، وقد ملأت البركة بالسم.
أدرك جنكيز خان كيف أن صاحبه كان يريد منفعته، لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان، فأخذ صاحبه، ولفّه في خرقة، وعاد لحرسه وسلطته، وفي يده الصاحب بعد أن فارق الدنيا، وأمر حرسه بصنع صقر من ذهب، تمثالاً لصديقه، وينقش على جناحيه: الصديق يبقى صديقا، ولو فعل ما لا يعجبك. #العبرة كل فعل سببه الغضب عاقبته الإخفاق
