2024-04-30 13:58:50
#قصتي_النجفية
(الحلقة الثانية)
الصباح الجميل
لا شيء في هذه الدنيا يشبه صباح الدراسة الحوزوية في النجف الأشرف ، صباحٌ لا تجده في كل إشراقات الوجود ، وبدايات بني البشر ، حين تبدأ القصة من خروج الطالب من بيته وهو يقرأ أدعية الطريق نحو طلب العلم ، وتجتمع السواقي في بحر علي بن ابي طالب (عليه السلام) .
ان شعور المرء أول ما تقع عينه على قبة أمير المؤمنين شعورٌ يُذاق ولا يوصف ، وهوشعور مخلوط بين الحب والهيبة ، فمن جهة تشعر انك منتمي الى هذا الحصن الحصين ، ومن جهة أخرى تشعر بالاحتواء والحب والانتماء العظيم ...
لُذنا بقبركَ والقبورُ كثيرةٌ ... لكن من يحمي الجوار قليلُ
انطلقت من بيتنا القريب من الحرم الطاهر في الساعة السادسة والعشرين دقيقة صباحا وانا كطائر عاد الى حديقته الغناء ،
( الهواء عند علي يؤكل لذيذا ولا يُستنشق )
وحين لاحت لي قبته السامية سلمت عليه منحنيا كما يفعل معاشر المحبين وتوجهت نحو باب القبلة وسلمت عليه :
السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده ....
وبعد إتمام النص العظيم - زيارة أمين الله - قلت له :
انت حامي الجار ، وحق الجار عالجار ، واني رايد منك تربي روحي ، وتوصلني لرضا الله ، وتصعدني بقافلتك الرايحتله !
ثم توجهت نحو درس الشيخ الأستاذ الذي يكتض بالحاضرين ...
بعد إنتهاء درس خارج الفقه رأيت شيخًا لطيف المحيا باسم الثغر يقترب مني بابتسامة وديعة وطيبة
ـ السلام عليكم شيخنا
ـ وعليكم السلام شيخنا الحبيب ، حياك الله خويه .
ـ شيخنا ، الله يوفقك ويديم عليك خدمة الحسين ... ( ثم جرى بيننا كلام وتعارفات ) ثم قال :
شيخي خدمة الحسين ، والاشتغال بإحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) هواي لها دور في التوفيقات ، وهي سبب من أعظم اسباب القرب من الله تعالى ، شيخي ادعيلي اكون من خدام الحسين ، ثم ابتسم وقال :
ـ اني اخوك خطيب وأقرأ مجالس في سنويا في دولة .....
قلت له : شيخي انت موفق ، ارجو ان تدعيلي شيخ ، وكلامك هذا يذكرني بعبارة لواحد من أهل الله :
( حين يلتفتُ العبدُ إلى النعم الإلهية التي عنده فأنه سيخاف عليها من الضياع ، فيبادر بالشكر ، ويحيطها بالحفظ ، ويحيها بالمتابعة ، ويصونها بالحرص ، ويبتعد عما ينقصها ويطلب مع ذلك كله العون من الله وسادات البرايا (عليهم السلام) .
وفي الأثناء رأيت أحد الخطباء الكرام والذي تربطني به علاقة طيبة وهو من أهل الفضل والوقار ، والعلم والمكانة المرموقة فتقدمت وسلمت عليه وسألته عن أحواله فقال :
ـ طلبت منك أن تقرأ لـ .... ليش اعتذرت ؟ّ!
ـ سيدنا كان عندي ارتباط ومجلس في مكان آخر ، وتدري انت اذا تنطي موعد مو صحيح تخالفه !
ـ صحيح ، لكن حصل شيء ما اعجبني !
ـ خير مولاي ؟!
ـ قال بانزعاج : شنو فايدة الكلام بالسلبيات في مكان أصلا ما بيه هاي السلبيات ؟!!!
ليش جاي نرسم مجتمعنا على انه غابة يفترس بعضنا بعضا وكأنما ماكو أي ايجابية ؟!
منو كال ان هذا البلد وهذا المجتمع ما بيه خير ولا شيء صالح ؟!
اذن ليش نحاول نركز بس على المو زينات في طرحنا ؟!
وانا لا افهم ما يقصد بالضبط قال لي :
راح .... وقرالهم ورى ما اعتذرت مني وكعد عدة ايام يسولف بأشياء سلبية هي اصلا ما موجودة عدهم !
شنو الداعي شيخ علي ؟!
حاولت ان اخفف حدة المسألة فقلت له :
يجوز كان يتكلم من باب التحذير قبل الوقوع ، وهذا فن من فنون الكلام !
قال : لا هذا مو فن ، هذا فراغ ومضيعة للوقت ، انت ما مار عليك انه ( لكل مقام مقال ) ، المكان الي بيه النقاء ليش نزرع بيه الشائبة وبعدين نرفعها ؟!
ـ كلامك صحيح سيدنا ...
ـ الخطيب الناجح هو اللي يزرع الأمل في قلوب الناس ، ويصحح الخطأ بطريقة ما تخدش مشاعرهم ، ولا تلوث اسماعهم بكلام غليظ ، ولا تنفرهم منه !
الخطيب الناجح هو اللي يخلي هاي الآية كدام عيونه : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }
بالله عليك لو كل عالم ومرجع وخطيب وقائد سياسي ومسؤول وشيخ عشيرة يطبق هاي الآية على اتباعه وجماعته ما صرنا أعظم الأمم ؟!
قال عبارته هذه ثم سكت هنيئة فبادرته قائلا :
ـ آني اشوف ماكو مشكلة بالاشارة الى السلبيات شرط اعطاء البديل الإيجابي !
فمثلا من تتحدث عن ظاهرة سلبية وتطلب من الشباب ان يبتعدون عنها ، جد لهم بديلا مناسبا حتى يشغلهم ، والا فانت اخرجتهم من سلبية واوقعتهم بسلبية ثانية وهي الفراغ
إن الشباب والفراغ والجدة = مفسدة للمرء أي مفسدة
ايجاد البديل واشغال المجتمع بالفضائل أفضل من الكلام عن السلبيات بدون حل !
قال : شيخ علي مارة عليك قصة النبي داود (على نبينا وآله وعليه السلام) شنو كان يطلب من جنوده ؟!
ـ شنو
62.5K views10:58
ا
