Get Mystery Box with random crypto!

لو أن جارحة من الجوارح كُرِّر عليها في اليوم كرات ومرات لَكلَّ | القناة الرسمية للشيخ أبي الحسن علي الحجاجي

لو أن جارحة من الجوارح كُرِّر عليها في اليوم كرات ومرات لَكلَّت وتعبت، أما جارحة اللسان فهي من أخف الجوارح يا عباد الله، ولهذا كان الذكر مبنيا عليها، فالإنسان يستغل هذه العبادة العظيمة بذكر الله سبحانه وتعالى، فهي عبادة سهلة وميسرة يستطيع عليها العبد في أي حال، وفي أي وقت، وهو على فراشه، وهو قائم أو قاعد، ولهذا قال الله عز وجل عن المؤمنين: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } [آل عمران:191].
عبادة سهلة يا عباد الله وأنت على فراشك تستطيع أن تذكر الله، عند أن تقوم من نومك تذكر الله سبحانه وتعالى بل أنت مأمور بذلك أن تقول كما أخبر بذلكم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»، وهكذا عباد الله فالذكر مأمور به الإنسان، في كل أوقاته وعلى أي حالة كان، ما عدا إذا كان في بيت الخلاء.
عباد الله؛ عبادة عظيمة لا توازيها عبادة من العبادات وطاعة من الطاعات، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن مكانتها، وعن قيمتها وعن عِظَمِ شأنها انظر إلى هذا الحديث واسمع يا عبد الله، أخرج الإمام الحاكم في مستدركه من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَأَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟» قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

عبادة عظيمة يا عباد الله، فتسابق إليها المتسابقون وسارع إليها المسارعون.
والسباقون فيها هم بين يدي الله سبحانه وتعالى، روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ، فَقَالَ: «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ» قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ»، هؤلاء هم المفردون الذين يذكرون الله سبحانه وتعالى كثيرا.

فالله الله عباد الله بالذكر لله سبحانه وتعالى، ولقد ذكر ابن القيم عليه رحمة الله في كتابه القيم "الوابل الصيب" أكثر من مئة فائدة في ذكر لله سبحانه وتعالى، قال: ولو لم يكن من فضائل الذكر إلا أنه سبب لذكر الله لك عبد الله. اهـ

فيا من تريد أن يذكرك الله عز وجل؛ اذكره سبحانه وتعالى، ولهذا قال الله عز وجل: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [البقرة:152].
وهكذا روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ» انظروا عباد الله.
قال ابن القيم رحمه الله: لو لم يكن من فوائد الذكر إلا هذه الفائدة لكفى أن الله عز وجل يذكرك عباد الله. اهـ

الواحد منا اليوم يتعاظم ويفتخر عند أن يسمع أنه ذكر عند مسؤول من المسؤولين، أو عند رئيس من الرؤساء، أو عند وزير من الوزراء، أو عند من له مكانة ووجاهة في المجتمع يفتخر بين الناس ويقول فلان ذكرني، ما بالك يا عبد الله عند أن يلقاك الله سبحانه وتعالى الملك العظيم.

ومن فوائد الذكر عباد الله؛ أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين الله كثيرا الملائكة، خير خلق الله الذين {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟» قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: «آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟» قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي، أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ» انظروا عباد الله إلى الذاكرين لله عز وجل كيف يباهي الله بهم الملائكة، هنيأً لمن أكثر من ذكر الله سبحانه وتعالى.