2022-07-28 10:56:32
حكم الاحتفال أوَّل العام الهجري بذكرى الهجرة النبوية مِن مكة إلى المدينة.
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فإن مِن الأفعال المحرمة شرعًا:
الاحتفال في المساجد أو البيوت أو غيرها مِن الأماكن بِذِكْرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مِن مكة إلى المدينة.
- والمُحتفل بهذه الذِّكرى لا يسير على سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو مشاق لها ومخالف، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحتفل، ولا حثَّ أمته ودعاهم إلى الاحتفال.
- ولا يسير على هَدْي السلف الصالح مِن أهل القرون الأولى، وعلى رأسهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، لأنهم لم يحتفلوا، ولا دعوا مَن في عهدهم ولا مَن بعدهم إلى الاحتفال.
- ولا يسير على طريق الأئمة الأربعة، أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ـ رحمهم الله ـ ولا غيرهم مِن أئمة الإسلام الأوائل، ولا يُتابعهم، لأنهم لم يحتفلوا، ولا دعوا أحدًا إلى الاحتفال.
والعلماء العارفون بنصوص القرآن والسُّنَّة يحكمون على ما كان هذا حاله مِن الأفعال:
بأنَّه بدعة.
والبدعة مِن أشدِّ المحرمات، وأغلظها جُرمًا، لِما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُحذِّر منها في خطبه فيقول:
(( وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ )).
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للناس في خطبته الوداعية محذرًا:
(( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ )).
وثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:
(( وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،أَلَا وَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ )).
ولا ريب عند الجميع بأن ما وُصِف بأنه شرٌّ، وأنه ضلالة، وتُوعِّد عليه بالنار، يدخل في شديد وغليظ المحرمات.
واعلموا – سدَّدكم الله – أن المُحتفل بهذه الذكرى متشبِّه بصنفين مِن الناس:
الصنف الأول:
أهل الكفر بجميع مِللهم ونِحلهم، فهم مَن جرت عادتهم على الاحتفال بالحوادث، ووقائع الأيام، وتغيُّرات الأحوال.
الصنف الثاني:
أهل الضلال والانحراف مِن الباطنية والرافضة وأضرابهم، فهم مَن أحدث هذا الاحتفال وغيره مِن الاحتفالات في بلاد المسلمين.
وقد ذكر الفقيه الشافعي والمؤرخ المصري المشهور بالمَقْرِيزي – رحمه الله – في كتابه “الخِطَط”:
أن الاحتفال برأس السَّنة الهجرية كان مِن جُملة احتفالات الدولة العبيدية الباطنية الإسماعيلية الرافضية الخارجية التي استولت على بلاد المغرب ومصر، وفعلت بعلمائها ومؤذنيها وسكانها مِن الجرائم مالا يكاد يُوصف مِن القتل، والتمثيل بالجثث، وسَبي النساء، وأخذ الأموال، وإفساد الممتلكات وتخريبها وتحريقها، حتى إن مِن زعمائها مَن ادَّعى الربوبية، ومِنهم: مَن أظهر سبَّ الأنبياء والصحابة، وأمَر بكَتْب سبِّ الصحابة على أبواب المساجد، ومنهم: مَن أمر بحرق مصاحف ومساجد أهل السُّنة.
بل قال عنهم مؤرخ المسلمين شمس الدين الذهبي الدمشقي الشافعي – رحمه الله – في كتابه “سير أعلام النبلاء” إنهم:
قلبوا الإسلام، وأعلنوا الرفض، وأبطنوا مذهب الإسماعيلية.اهـ
ثم نقل عن القاضي عياض المالكي – رحمه الله – أنه قال في شأنهم:
أجمع العلماء بالقيروان أن حال بني عُبيد حال المرتدين والزنادقة.اهـ
ولا ريب أن التشبه بهذين الصنفين في الاحتفالات وغيرها شرٌّ على فاعله، وخسارة له وبوار، لِما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ )).
ولا ريب أنَّه لا يرضى مُحب للسُّنة النبوية، وللنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:
أن يكون هؤلاء القوم، ومَن هذه فِعالهم وأحوالهم، وهذا تاريخهم، وهذه سيرتهم، قدوة له وسلفًا في أيِّ أمر.
وإنَّنَا – بحمد الله وفضله علينا – في باب الاحتفال بهذه الذِّكرى وغيرها سنتشبَّه بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وغيرهم مِن أهل القرون الأولى المفضلة، فنتركه ونهجره كما تركوه ولم يفعلوه، عسى أن نُلحَق بهم، ولن نتشبَّه بأهل الكفر، ولا بأهل الضلال والانحراف مِن الباطنية الإسماعيلية الرافضية الخارجية.
ثم إنَّ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لِمن له عقلٌ وإدراك وتمييز لم تكن في شهر الله المُحرَّم، ولا في أوَّل يوم منه، وإنَّما كانت في شهر ربيع الأوَّل كما ذكر أهل التأريخ والسِّير.
والذي وقع مِن الصحابة - رضي الله عنهم - زمن عمر بن الخطاب إنَّما هو تحديد السِّنين الإسلامية بسَنة الهجرة، بجعلها أوَّل السنين، لمعرفة الكتب والوقائع والمعاهدات، وليس التحديد بيوم الهجرة، وأنه هو أوَّل أيام السَّنة.
وكتبه:
عبد القادر الجنيد.
1.7K views07:56