Get Mystery Box with random crypto!

أنارُ ريّا التي آنستَ تتَّقِدُ وأين من نارِ ريّا هذهِ البَلَدُ | روائع الشعر العربي

أنارُ ريّا التي آنستَ تتَّقِدُ
وأين من نارِ ريّا هذهِ البَلَدُ

لا تُخْطِيءُ العينُ رؤياها وقد أَفَلَت
وإنما مُعمياك الشوقُ والكَمَدُ

قد امَّحى إثر ريّا بعد ليلتها
كما امَّحى بعد تلك الليلةِ الجَلَدُ

ما كان أقربني إذ ذاك مُقتبَساً
من نارِها وسوادُ القومِ مبتعِدُ

فإن تشابهت الأضواءُ فَهْي بما
أَوْحاهُ حُسبانُ صبٍّ مالهُ خلَدُ

شطَّت بريّا نوىً لا ناقةٌ وَخَدت
فيها ولا كان من أشراطها الصُرَدُ

من اليمانين إلا أن مَنْطِقَها
عن وَعر موطنها في جَرْسِهِ مَلَدُ

كم مدنفٍ بهواها من صَبابتِهِ
لم تُولِهِ غير ما يُولي الثرى الوَتَدُ

يؤمِّل القلب من ريّا تودُّدَها
ولهو ريّا على إقليده الإددُ

ربيبةُ الكُتْب غذَّتها معارفُها
فما ينالُ شظايا قلبها دَدِدُ

لا تُصرَفُ العينُ عنها حينَ تبصرُها
وإن يَكُن سابغاً مستورَها الجَسَدُ

فقل لمن ظَفرت ريّا أناملُه
أُعْطِيتَ ويحكَ مالم يُعْطَهُ أَحَدُ

لا أعْرفنَّكَ يوماً تشتكيكَ بهِ
ولا يكون على عِطْفَيْكَ مُعْتَمَدُ

سأنزعُ القوسَ قوسَ الهم منتبذاً
عنها وإن نشَّ من كتمانيَ الضَّمَدُ

وأعقِدُ الطَرَفَ الدَّاجي بمُصْبِحِهِ
كَمَا ببادرتي الأشعارُ تَنْعَقِدُ

بناشزٍ دائبٍ مَهْوى جَرَبَّتِها
بها على كل أُفق خَيْفَقٍ لَدَدُ

جَرت بها سُفُن اليابان رابحةً
تِجَارُهم بين أشباه لها تَكِدُ

منسلة من دراك الطرفِ ماردةً
وما لها مُدَدٌ تُحْصى ولا أَمَدُ

عَجْماءُ لكنّها في السير جِهْبِذَةٌ
بمَتنِ كلِّ طريقٍ ما لهُ سَنَدُ

بتلكمُ أتغنّى في الفِجَاج كمَا
غنّى بحَانة خَمْرٍ شاربٌ غَرِدُ

حتى تُعرّسَ بي عن كل دانيةٍ
من المدائنِ في أرجائها مَدَدُ

بيني وبين أقاصي نجمها صِلَةٌ
بأننا حيث يبدو الضوءُ نبتعدُ

أقبلْ سُهيلُ فإنّ القومَ قد رقدوا
مالي أراك من الأحداقِ ترتعدُ

أما تزال إلى الجوزاء مختلساً
كما يُخالسُ عُتبى والدٍ ولَدُ

أبيتُ أُرْعِيهِ طرفي وهو محترفٌ
يصدّق الزعمَ فيه وهو منفردُ

أما تَطُلُّ دماً أهرقتَهُ حِقَبٌ
بها اكْوَهَدَّ من الشيخوخة القَوَدُ

أمِنتَ في اليمن المرهوبِ ساكنُهُا !
ونلت رغْداً وما في عيشها رغَدُ

لعل ما حزتَ من حظٍّ بما حرموا
منه - لنأيك عنهم حين تُرتَصَدُ

سالم التميمي