Get Mystery Box with random crypto!

الاستبصار في تجلية مفردات الحنابلة بين الرأي والآثار المس | قناة الشيخ عبدالله العبيلان

الاستبصار في تجلية مفردات الحنابلة بين الرأي والآثار

المسألة الحادية والثلاثون بعد المائة

لا يجزئ طواف الراكب والمحمول بغير عذر

" وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ ". [الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (4/ 13)].

" لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» . وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَجُزْ فِعْلُهَا رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، كَالصَّلَاةِ ". [المغني لابن قدامة (3/ 358)].

" اعْلَمْ أَنَّ أَظْهَرَ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ دَلِيلًا: أَنَّهُ لَوْ سَعَى رَاكِبًا أَوْ طَافَ رَاكِبًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، لِمَا قَدَّمْنَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ: لَا يُجْزِئُهُ السَّعْيُ، وَلَا الطَّوَافُ رَاكِبًا إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَمِنْهُمْ: مَنْ مَنَعَ الرُّكُوبَ فِي الطَّوَافِ، وَكَرِهَهُ فِي السَّعْيِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنْ رَكِبَ وَلَمْ يُعِدْ سَعْيَهُ مَاشِيًا، حَتَّى رَجَعَ إِلَى وَطَنِهِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ. وَالْأَظْهَرُ هُوَ مَا قَدَّمْنَا. لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ رَاكِبًا، وَسَعَى رَاكِبًا، وَهُوَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا يَسُوغُ فِعْلُهُ، وَقَدْ قَالَ لَنَا: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ يَلْزَمُ فِيهِمَا الْمَشْيُ. قَالُوا: إِنَّ رُكُوبَهُ لِعِلَّةٍ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ كَوْنُهُ مَرِيضًا كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ أَنْ يَرْتَفِعَ، وَيُشْرِفَ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْأَلُوهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ كَرَاهِيَتُهُ أَنْ يُضْرَبَ عَنْهُ النَّاسُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ، لِأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ، وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ غَشَوْهُ. وَفِي رِوَايَةٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ، طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ، وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ غَشَوْهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يُضْرَبَ عَنْهُ النَّاسُ ". [أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (4/ 433)].

قلت وقد أشار القرآن إلى أن الطواف يكون على الأقدام في قوله تعالى {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } [الحج:26].

وكل ذلك على الأقدام ثم ذكر الركوب بعد ذلك، فقال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }[الحج:27].


والله أعلم
كتبه عبدالله بن صالح العبيلان
٧-١١-١٤٤٣هـ