2021-04-02 19:37:21
#بدر_آل_مرعي
_ إدارة التعامل مع الطلاب عند الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:
هذه مقتطفات من ترجمة الحافظ ابن حجر التي سطرها تلميذه السخاوي في الجواهر والدرر (3/ 23-29)، آثرت نقلها كما هي مع وضع عناوين:
1- جبر الخواطر
"وأما استجلاب الخواطر، فكلُّ ما ذكرناه مُقتضٍ لذلك مِنَ الحلم والبَذْلِ والشَّفقة والسَّتر، وكفى بها دلالة على حُسْنِ العِشْرة. وطال ما كان ينهرُ أتباعه بسبب مقته بعض الطَّلبة، لظنِّه أنَّ ذلك يرضيه، وربَّما قال له: اخرج أنت ودعه. إلى غير ذلك مما يكتفي بدونه مِنْ مثله في علوِّ مقداره، وطال ما كان يخُصُّ مَنْ يفهم عنه بعضَ جفاء بمزيد الإقبال، بحيث لا يفارقه إلا وهو في غاية الحمد والاغتباط، فمنهم مَنْ يستمرُّ على المودَّة، ومنهم مَنْ يغلِبُ عليه الحسَدُ"
2- الوقوف معهم بعد الدرس:
"وكان عند إرادة دخول بيته عَقِبَ الدَّرس أو غيره، يقفُ مع مَنْ يقصدُ الاجتماع به -ولو لم يكن بذاك- نحو ساعة أو أكثر، بحيث يمل أتباعه وهو واقف، لا يُفارقه حتى يكون هو المفارق له.
ولقد كنت واللَّه العظيم أجيءُ إليه، وأنا حينئذٍ في المكتب، فأعارضه وهو يريدُ الدُّخول إلى منزله، فيقف معي ما شاء اللَّه حتى أسأله عَنْ ما أرومُ المسألة عنه مِنْ أحاديث وغيرها، بل ربَّما سألتُه إذ ذاك في كتابة أشياء، فيكتبها لي بخطِّه ممَّا هي عندي الآن"
3- عرض العلم لا استعراضه وكراهة المدح:
"وكان رحمه اللَّه لا يتكثَّر بعلومه، ولا يتبجَّح بها، ولا يفتخر، ولا يباهي بمعارفه، بل كان يستحيي مِنْ مدحه ويُطرِقُ، ولقد قال له بعضُ طلبته مرة: يا سيدي، إنَّ لك بفتح الباري المنَّةَ على البخاري، فقال له، قصمت ظهري، أو كما قال"
4- التلطف في الرفض عند الانشغال:
"أنَّ بعضَ الفُضلاء التمس منه قراءة كتاب في أصول الفقه، وأظنُّه "شرح جمع الجوامع" له، وكرَّر الطَّلب لذلك، فصار شيخُنا يُبدي له أعذارًا، كان مِنْ جملتها: جهدي أتفرَّغُ لإلقاء العلم الذي يُقال إنَّني أعرفه. ونحوه كما تقدم أيضًا قوله في فن القراءات: بضاعتي في هذا الفن مزجاة. هذا مع كونه أستاذًا في كل فنٍّ بحُسْنِ ذكائه. وأما في الحديث فهُناك تخضعُ له الرِّقاب، لكنه أراد مزيدَ التواضع. وفي الواقع أن أوقاته كانت تضيق عَنْ ذلك" .
5- التواضع وهضم النفس:
"ونحو ذلك أنَّه لمَّا أملى بالكاملية، ثم انتقل منها إلى البيبرسيّة -كما أسلفتُه- لقيه ناصر الدين محمد بن عمر الشَّيخي نزيل الكاملية وصهر ناظرها، فقال له: يا سيدي، أوحشت الكامليَّة، فأجابه بقوله: الكاملية مشتقَّةٌ مِنَ الكمال، يعني: ولستُ كاملًا"
6- الثناء على الطلاب وتشجيعهم ورفع أقدارهم:
"ومن تواضعه أيضًا: أنَّه لم يكن يذكر أحدًا مِنْ طلبته ولو صَغُرَ إلا بصاحبنا فلان. وما كنت أظنُّه يقصِدُ مع التواضع بذلك إلا التَّنويه بذكرهم. ولعمري لقد انتفع جماعةٌ مِنْ طلبته وغيرها بتربيتهم والثناء عليهم"
7- القرب منهم والتلطف معهم:
"وأما لطائفه وملاطفته للطلبة والإحسان إليهم، فلا تكاد تُوصف، وقد كنتُ أسمع به وبأوصافه، فلما شاهدته رأيتُه فوق ذلك"
هكذا يربي أهل العلم الأسوياء من حولهم، يريدونهم قادة لا أتباعًا، أما من أهان تلاميذه وترفع عنهم بدعوى الحزم والتربية والمصلحة والمهابة والسمت فما أبعده عن الهدى.
اللهم أدّبنا واجزِ أشياخنا وأصحابنا عنا خيرًا.
261 views16:37