2018-05-19 11:28:35
شَــرَدوا ،شَــرَدوا لكم اشتقت أن أعود لتلك الأيام التي تفنّنت فيها بكتابة الشّعر العمودي الذي تاه عنّي ؛ فسافرتُ لنثر مسجوع ،و قصيدة نثر أنثر جراحاتي فيها؛ ففيها أكثر فسحة في زمن حكم علينا بالقهر فترجّلت أحرفنا ،وانطلقت تطير بنا في فسحة فضاء تسبح فيها أرواحنا بجناحي طائر حرّ ،وجد في جناحيه نعمة عظيمة يجوب بهما الكون بعد أن حكم عليه العالم الظالم بالحرمان ...
هكذا نحن _ في اليمن _ نمتلك أجنحة صقور هم رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه .
وحدهم المرابطون في ساحات البطولة أيادينا التي تشفي غليلنا في عدو متصنّم ،متحجّر، لا يحكمه قانون سماوي،ّ ولا دستور أرضيّ..
رجال الله سيمفونيّة عشق المستضعفين وكلّ اليمن مستضعفة إلا بهم ( و بإذن الله ) فرجال الله قوّتنا ،و درعنا ،و سندنا، ورهاننا.
و ما أغلاهم من ثروة أبت إلا أن توزّع على اليمن ؛ نعم وزّع رجال الله أرواحهم بحبّ و رغبة دون رهبة على جبال وسهول اليمن ؛ فكانوا شهداء في صعدة ،والحديدة ،و صنعاء ،و تعز ،و عدن ،ومأرب و...الخ ؛ فكان ملح البحر من عرقهم، و فوح الياسمين من آمالهم،وبياض البَرد من طهرهم ، وحمرة زهر الشقائق من دماهم ، كان حناء العروس أيضا من دماهم حين لم يكن فرح بزفاف أو ولادة أو مناسبة فرح و مقامها إلا بثباتهم ، كما لم يقام عزاء في أمن وسكينة إلا بجميل صبرهم في ساحات البطولة، وقد حرموا أنفسهم، ونأوا عن حياتهم الاجتماعية،وطلّقوا كلّا ماعدا متارسهم ،
عكفوا على درء العدو ،وجعلوا ذلك صراطهم للوعد الإلهي بالنّصر أو الشّهادة ..
عشقوا ذرات تراب المعارك ،عشقوا زمهرير الشّتاء ،و لفحات حرّالصيّف .
مضوا لم تستهوهم قهوة الصّباح من أيادي أمهاتهم و زوجاتهم ،و لم يأبهوا لرسائل الأصدقاء بباقات الورد فوردهم وقهوتهم وحبهم وحنانهم في زناد بنادقهم ،فقد تركوا كلّ طيّب ولذيذ و استهوتهم ساحات الموت يلقنون المحتل صنوف الهزيمة ،وتستهويهم مشاهد إسقاط طائراته، و إغراق بوارجه، وإحراق مدرّعاته، وهزيمته .
رجال من نوع فريد ؛ فقد عشقوا قنص أفراد جيوش المحتل ،تفنّنوا في خلط دم يأجوجه بمأجوجه ،كما عشقوا منظر فرار أرانبه من جيش الكبسة ،و جيوش البرجر، و غيرهم فكانت أجمل ذكرياتهم و مواقف ترفيههم حين يرون أشباه الرّجال يفرّون أمامهم ،
كانت أصدق ،و أحلى جملة تشفي صدورنا بعد كلّ عملية اقتحام لهم لمواقع العدو جملة :
شـَـرَدوا ..شـَـرَدوا ،التي نراهم فيها يتلذّذون بفرار الحمر المستنفرة منهم وهم قَسورة الميادين ..
فأروع بها من جملة و أصدق به من مشهد ينقله إعلام رجال الله الحربي !!! ّوهنا كم تمنّيت لو كنت مايسترو لأضع لجملة : شــردوا،شــردوا لحنا خاصا في كلمات ّ بنكهة أولئك الشعث الغبر الحفاة الذين قهروا جيوش الاستكبار بعنجهيتها و إصرارها على هتك حجب الإنسانيّة..
كم عشقتُ تلك الجملة و انتظرتُ بعد كل اقتحام لرجال الله أن أسمع : شـــردوا ،شـــردوا في زامل يمانيّ أو أغنية لجوليا المقاومة بصوتها العذب الذي لا أفقه بعد سماعه إلا بإعلان حبّي لكلّ حر ّفي الأرض ،فكم تحلّق أرواحنا الجريحة في فضاءات بصوت مقاوم ولحن حرّ ..
لأعود لعرين الأسود اليمانيّة ،و أتمنّى سماع جملتي المفضّلة منهم فــ :
شـــردوا : تحمل معنى الإباء والشجاعة والجرأة والإقدام والتحدي والعنفوان ،
نعم : أعشق سماعها من رجال الله ،وما هي إلا نجوى في الرّوح لأسمعها..
وما هي إلا مسافة خطاب روحي إلى أرواحهم وهم ترجمان نبضاتنا ،ماهي إلا مسافة الطرّيق ( كما يقال ) لأسمع نغمتي المفضّلة منهم ،لأعود و قد ازددتُ ،بل اطمأننتُ بالنّصر المؤكّد فكيف لا ينتصر رجال وثقوا بالله ؛ فكرّوا و لاحقوا المعتدي في وكره ،و أخرجوه خروفا بليدا وهم على قمّة تبابهم في مواقعهم يلتذّون بمشهد هروب أشباه الرّجال و قد تركوا معاقلهم فارّين بجلودهم التي اشتوت بنيران رجال الله الذين قمعوا وقاحة الغازي ،و رأوه مهرولا مردّدين و في كلّ مرّة :
شـــردوا ،شـــردوا .
أشواق مهدي دومان
117 views08:28