2022-05-08 17:15:26
أعتقد أني شخص سينتهي به المطاف بأن يشيب لوحده برفقة حيوانات أليفة و كتب و أصدقاء يزورهم في الأعياد ، أستطيع العيش من دون الآخرين معظم الوقت لا أخشى الوحدة ، و بالعكس فأنا أفضل البقاء بمفردي ، و في حال سجنت أتمنى أن يكون السجن انفرادياً ، كلما كان الناس على مسافة مني كلما كان ذلك أفضل ، السيء في السجن أنه يسمح لآخرين بأن يصادروا حياتك و هذا أرفضه قطعاً ، أما العزلة الناتجة عن الإنسحاب التام من الحياة فهذا أمر أسعى إليه بشدة ، طوال حياتي كنت شخصاً وحيداً و منعزلاً ، و لا أقول بأن الشعر أنقذني ، لكنه ساعدني في تمضية الوقت مثلما يمضي السجين وقته كله في الكتابة على الجدار ، خلال فترات كثيرة من حياتي كنت أختار الإنسحاب التام من الحياة ، كان بإمكاني قضاء عدة أشهر دون كتب أو أصدقاء أو انترنت و دون أن أتفوه بكلمة أعيش انفصالاً نفسياً رهيباً عن العالم ، أنا حررت نفسي من هيمنة الآخرين و قد كان الأمر قاسياً بادئ الأمر ، أنا شخص منسحب داخل نفسه معظم الوقت ، نحن نولد برغبة بالتشبث بالآخرين ، رغبة في أن تكون لنا أم و أن نكون جزءا من جماعة ، أن ننتمي لشخص أو إله ، و لهذا يضيع الإنسان حين يجد نفسه وحيداً لايوجد أكثر ضرورة من أن يصاحب المرء الوحدة ، و رغم قسوة حياتي التي قضيتها معظم الوقت بمفردي، إلا أني رأيت في العتمة مالم يره الآخرون في الضوء ، راقب من غيروا العالم ، تحدهم قضوا أوقاتاً طويلة برفقة أنفسهم ، منعزلين في كهف أو كوخ ، العزلة تدرب المرء و تصقله و تفتح أبواباً من الضوء داخله كيف تزعم أنك تعرف الآخرين و أنت لا تعرف نفسك ؟ كيف تزعم أنك تعرف نفسك و أنت تهرب منها طوال الوقت ، نحن غرباء عن أنفسنا بشكل لا يصدق كل مشاكل العالم نبعت من أمر واحد : أن الإنسان لا يستطيع البقاء وحيداً لوقت طويل لكل الأشياء في عمقها لحن حزين ، و لسبب لا أفهمه فأنا أزداد حزناً كلما أقتربت من نفسي ، أكتشف أشياء كثيرة ، لكنها لم تخلو أبداً من مسحة حزن ، أنا هذا الشخص الذي لديه ميل طبيعي للكآبة ، حتى حينما أضحك بشدة ، فأنا أجد في عينيّ دموعا أيضا ، أنا هذا الشخص الذي تلمع عيونه دائمًا بشكل حزين.