Get Mystery Box with random crypto!

المرأة حاملة الأحزان لم نكن نعلم كيف السبيل إلى التخلص من أحز | Be Happy with Saad

المرأة حاملة الأحزان

لم نكن نعلم كيف السبيل إلى التخلص من أحزاننا، كانت الكآبة تغمرنا في ذلك الوقت، كنا نغرق في بحر من المرض، والألم، وكانت أعداد الموتى تتزايد بشكل عجيب، ووتيرة سريعة.
كانت الجثث تُدفَن جنباً إلى جنب، كان وضعنا في غاية السوء؛ لذا كان لزاماً أن نقوم بشيء ما.
كانت هناك متطوعة، فتاة صغيرة السن في الرابعة عشر من عمرها، فتاة نقيه طاهرة، أتت إلينا، وعرضت علينا أن تحمل أحزاننا عنا، منذ ذاك الحين، ونحن نهرع إلى تلك الفتاة الشابة، نمنحها آلامنا، وأحزاننا لتحملها نيابةً عنا، وكانت الفتاة تحملها بصبر، ومن دون تذمر، كانت تعرف أسماء أحبابنا المفقودين، كانت تحفظ أسماءهم، وجنسياتهم، وحركاتهم عن ظهر قلب.
حملت الفتاة تلك الآلام المعيشية بكل شجاعة، نراها تمشي بيننا كل يوم، نتأملها، ونرى انحناء ظهرها جلياً؛ كدليل واضح على أنها تقوم بعملها كما ينبغي أن يكون.
كنا أكثر خفة، بعد أن أزاحت الفتاة أحزاننا وحملتهم عنا.
كانت الفتاة تمشي بيننا في صبر على المعاناة، وكان باستطاعتنا حينها أن نجمع كل ما لدينا من طعام وأخشاب ونمنحها إياها، وكأننا نسكب حياة داخل قلوب أحبابنا الباقين.
استمر الأمر على هذا المنوال، حتى لاحظ البعض أن الفتاة باتت تحمل المزيد من الهموم والأحزان، وفي ذلك التوقيت أجبرنا شاباً آخر على حمل أحزاننا.
في بداية الأمر، كان الشاب المُكَلف بحمل أحزاننا، تواقاً ومتلهفاً لأن يتعلم المزيد عن المهمة، وكان على الفتاة السابقة أن تعلمه كيفية حمل الأحزان، والهموم عن الآخرين، ورغم أن الفتى لم يكن موهوباً بالفطرة في حمل الهموم كما كانت الفتاة، إلا أنه من الواضح أن الفتاة نجحت في تعليمه بشكل جيد؛ لأنه لاحقاً سيتفوق عليها.
عندما مشى الفتى المُكَلف بحمل الهموم بيننا، كان يمشي من دون انحناء! يمشي بيننا منتصب الظهر، تماماً على عكس الفتاة التي سبقته، لا يمكنك تخيل شعور السعادة والمرح الذي غمرنا جميعاً، كان يحمل همومنا وأوجاعنا، وكأنه لا يحمل شيئاً على الإطلاق!
حتى إن أولئك الناس الذين لم تكن لديهم هموم وأوجاع يتألمون منها، باتوا يأملون أن يفقدوا أحبتهم، فقط حتى يتذوقوا طعم النشوة المُصاحِب لتخفيف عبئهم، ومنحه إلى ذلك الفتى.
واحد منا فقط هو من شعر أن هناك شيئاً خاطئاً، شيئاً غريباً! الفتاة حاملة الأحزان والهموم مشت بيننا تهز رأسها بحزن، ظهرها منحن، وتحاول إبلاغنا بمقدار الخطر الذي أوقعنا أنفسنا فيه، ولكننا لم نستمع إليها، وذات يوم اختفى الفتى المُكَلّف بحمل أحزاننا فجأة.
قالت لنا الفتاة إن هذا الفتى لم يكن يستمع إلى آلامنا، وأوجاعنا يوماً، ولم يحمل همومنا بجدية، ولم يكن يعرف أسماء أحبائنا الذين رحلوا كما فعلت هي، هي التي تطوعت من أجل تخفيف أعبائنا، هي التي انفعلت بأحزاننا، وحفظت أسماء أحبائنا عن ظهر قلب، هي التي تألمت بصدق لألمنا حتى باتت جزءاً منه.
ولكن أولئك الذين كانوا قد منحوا الفتى أحزانهم، ظلوا سعداء للأبد، وأولئك الذين فقدوا أحبابهم لتوهم، قرروا أيضاً أن يمنحوا أحزانهم لذلك الفتى حتى وإن طالت غيبته، وتجاهل الجميع تلك الفتاة، التي ظلت تمشي بيننا، منكسة الرأس، منحنية الظهر، تعاني آلامنا وأوجاعنا، مُتحدثة بلغة تكاد تبدو قديمة للغاية، قائلة: إن تلك الهموم والآلام التي قدمناها إليها لتحملها، أفقدتنا شيئاً هاماً يوماً ما سنشكو مرارة هذا الفقد؛ لأنه لم يكن من المفترض أبداً أن يحمل شخص واحد هموم وأوجاع العالم كله.

قصة للكاتب الأمريكي: كريس هافن
ترجمة: أميرة الوصيف