2022-08-02 04:08:52
.
ـ احتساب الأجر بحسن الظَّنِّ، والخوف من الإثم المترتَّب على ظنِّ السُّوء، وانشغال المرء بعيوبه عن عيوب الآخرين، والاستعاذة بالله من شرور النَّفس، وسيِّئات الأعمال،... إلى غير ذلك من العلاج النَّاجع، والدَّواء النَّافع.
وختامًا أقول: نحن بحاجة إلى من يسعى بجهود إيجابيَّة مثمرة إلى إزالة هذه الآفة المقيتة، الَّتي ما فتِئَت تحجب نور كلِّ وِصَالٍ، بضربٍ من التَّأويل ليس عليه أدنى تعويل، ثمَّ يتبع سعيَه هذا بزرع حسن الظَّنِّ من جديد، وغلق باب العداوة الَّتي لا أساس لها، والَّتي يُؤجِّجها الشَّيطان بنفخه ونفثه، تبعًا لمخطّطه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء}[المائدة:91]، هذه العداوة الوهميَّة الَّتي أوغلت صدور المؤمنين ـ بما هم في غنى عنه ـ والأخوة معقودة بينهم بحقٍّ من فوق سبع سماوات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحُجُرات:10]، فينبغي الحفاظ على هذه الأخوة، ورعاية هذه المودَّة والمحبَّة، حتَّى لا يكدِّر صفوَها ظنٌّ لا يغني من الحقِّ شيئًا.
فيجب نبذ هذه الظُّنون الآثمة الَّتي تمزِّق الأمَّة وتنخرها من الدَّاخل، وتغذِّي التَّنافر والتَّباغض والتَّجافي، كما ينبغي الاجتماع والتَّعاون على ما يُتَّفق عليه، ولا أقول: يعذر بعضُنا بعضًا فيما يُختلف فيه، بل يجب ردّ ما اختُلف فيه «من وسائل الدَّعوة وغاياتها، بل وفي كلِّ مسألة من مسائل الخلاف إلى ما أنزله الله حكمًا في كلِّ قضيَّة من قضايا الدِّين والدُّنيا، ألا وهو كتابه العزيز والصَّحيح من سنَّة رسول الله ﷺ، ويكون ذلك بواسطة العلماء الربَّانيِّين الَّذين عُرِفوا بالتَّمسُّك بمنهج السَّلف الصَّالح، عقيدةً وعبادةً ومعاملةً وأدبًَا وسلوكًا ومنهجَ جهادٍ ودعوة، فإنَّ هذا الصِّنفَ من النَّاس هم أهل الخبرة الشَّرعيَّة والفهم الصَّحيح لدقائق الأحكام وتفاصيل مسائل العلم ولن يجتمعوا على ضلالة»(32)اهـ.
ولا شكَّ أنَّ هذا مرتقى صعبٌ وعسيرُ المنال، ولكن ـ بتوفيق الله ـ لكلِّ عمل إصلاحيٍّ رجال، سَمَوا بأنفسهم عن الهبوط إلى درك المنفعة الخاصَّة، والدِّفاعِ عن الذَّات ـ على حساب هذا الدِّين ـ عند العامَّة والخاصَّة.
والرَّجاءُ في الله كبيرٌ أن تبرأ هذه الأنفس العليلة من هذا السُّمِّ الزعاف، والأمل معقود على السَّعي في تطبيبها من أسقامها، من غير يأس أو فتور، ولا قنوط أو نفور، حتَّى نجتمع على العقيدة الصَّحيحة إخوانًا، وعلى المنهج السَّليم أعوانًا.
ومن ساء ظنُّه بإخوانه، وبقي على توهُّمه، فقد أفسدَ حظَّه في تعاملهم معه، فإذا تصدَّر وهذا حالُه؛ فهو مسكين ذُبح بغير سكِّين؛ لأنَّ العاجز عن إصلاح نفسه أشدُّ عجزًا عن إصلاح غيره، بلا شكٍّ ولا مَين.
واللهُ وليُّ المتَّقين، والحمد لله ربِّ العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهو من تزكية النُّفوس بالتَّوحيد الخالص لربِّ العالمين.
(2) حسن: أخرجه الطبرانى فى «الأوسط» (3 /118 /2663). انظر: «الصَّحيحة» (342).
(3) «فيض القدير» (3 /157).
(4) «النِّهاية في غريب الحديث» (3 /362) بتصرُّف.
(5) متَّفق عليه: البخاري (6064)، ومسلم (2563).
(6) «تفسير القرطبي» (16 /331).
(7) زادها الصَّنعاني في «سبل السَّلام» (4 /344).
(8) حسن: أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5 /296 ـ 297 /6706)، انظر: «الصَّحيحة» (3420).
(9) أثر صحيح: رواه البخاري في «الأدب المفرد» (1289).
(10) كذا في الأصل، ولعلَّ الصَّواب: «التجسُّس».
(11) «التَّحرير والتَّنوير» (26 /253).
(12) صحيح: أخرجه أبو داود (4972)، وانظر: «الصَّحيحة» (866).
(13) متَّفق عليه: البخاري (3610)، ومسلم (1064).
(14) «مجموع الفتاوى» (19 /73).
(15) «تلبيس إبليس» (1 /111).
(16) «الصَّارم المسلول» (1 /272).
(17) «شرح ابن بطَّال» (17 /319).
(18) «التَّحرير والتَّنوير» (26 /251).
(19) «نظم الدُّرر» للبقاعي (12 /351) بتصرُّف وزيادة.
(20) متَّفق عليه: البخاري (13)، ومسلم (45).
(21) حسن: أخرجه أبو داود (4790)، والترمذى (1964). انظر: «الصَّحيحة» (935).
(22) «النِّهاية» لابن الأثير (3 /355)، و«فيض القدير» (6 /330).
(23) حسن: أخرجه أحمد (17441)، والترمذى (3686). انظر: «الصَّحيحة» (327).
(24) رواه ابن أبي الدُّنيا في «مداراة النَّاس» (ص50).
(25) قاله الشَّيخ عبد المحسن العبَّاد البدر ـ حفظه الله ـ في «شرحه على سنن أبي داود» [شريط (353)].
(26) «أدب الدنيا والدين» (1 /433).
(27) «فتح الباري» لابن رجب (1 /117).
(28) متَّفق عليه: البخاري (1930)، ومسلم (2174).
(29) «شرح ابن بطَّال على صحيح البخاري» (7 /205).
(30) صحيح: أخرجه البيهقى (10 /89 /19961). انظر: «الصَّحيحة» (939).
(31) صحيح: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5787)، انظر: «الصَّحيحة» (426).
(32) «الأجوبة السَّديدة على الأسئلة الرَّشيدة» (3 /622).
* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 8»
65 views01:08