نجلسُ علىٰ أروقة اليأس المُطلّة علىٰ شاطئ الخيبات، نفترِشُ الحزن أسرّة، وكلّ منّا يربط صرّة أملٍ، ويخبأها بين ثنايا قلبه،نتبادل أطراف الحَكَايا، ونتجرّع كؤوس الصبر،صنفٌ يروي قَصَّتِه عمّا تكبّده من نَصَب أثناء رحلتِه الدراسيّة، كم حاولَ جاهدًا أن يرىٰ الحُروف المُسطّرة في بطن الكُتب، والتيّار الكهربائي مُنقَطِع!. جُلباب السّعادة الفضفاض الذي ارتدِته أُسرته بعد نجاحه الباهر الذي ناله بعد عدّة مُحاولات، ثُمّ ما لبِثَ أن تمزّق الثوب رغم جِدّته، بعد أن وقفوا عاجزِين أمام تسديد "الرسوم الجامعيّة"، وينتهي به الأمر جارًا أذيال الخيبة، وبأحلامه مُلقاةً في غيابت جُبّ مُهترئ لا يمُّر به السّيارة،وآخر يحمِلُ ورقةً تشهَدُ أنّه أكمل تعليمه رغم الصعوبات، ويَجُوبُ بها المؤسسات بحثًا عن عمَلٍ يليق بسنين عُمرِه التي قضاها يَنهشُ الكُتب والمراجع، ويُهوّن عليه الأرق الذي تمّلك جسده بعد أن جافى النوم عينيه وأصابه الإعياء،ثم ينتهي به الأمر يتخبّط في شتىٰ الأعمال التي تبعد عن مجالِ دراسته بُعد المشرق عن المغرب، وهذا يُمسك هاتفه ويبحثُ فيه عن سبيلٍ للفرار، عن مِنحة تعليمية في وطنٍ يَحترِم طالبَ العِلم، بعد أن غُلِّقت أبواب الجامعات وقالت العَطالة له: هيْتَ لك،فأصابه اليأس وفقد شغفه وهو ينظُر إلىٰ طموحاته تُساقُ إلىٰ مُستقبلٍ مجهول،وآخر قد ألغى حفل زفافه بسبب غلاء المعيشة، تصحو مُبكرًا كي تستقبل الشمس عندما تُرسل خيوطها الذهبية وأنت في مُنتصف صَفٍ أشبه بالدائرة، لا ترىٰ له بداية ولا نهاية، وقد تُودّعها وهي تُلملم أطراف ثوبها الذهبّي وتهُّمَ بالرحيل وأنت علىٰ ذاتِ الصّف، والأفظع من هذا وذاك أنك قد ترَجِع بخفيّ حُنين، فقد نفذَ ما كنت تصبو إليه وأنت علىٰ بُعد خطوتين أو أدنىٰ منه،نعيشُ في وطنٍ يُمسك بيمينه عصاةً يتوكأ بها علىٰ أحلامنا، ويهّشُ بها علىٰ آمالنا، إلىٰ أن نفذَ مخزوننا من الصبّر، فأصبح حُلمنا الوحيد هو المُغادرة ..!
