Get Mystery Box with random crypto!

هل أخطأ الإمام أحمد في روايته لحديث: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا...» | د. خالد الحايك

هل أخطأ الإمام أحمد في روايته لحديث: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا...»؟!
قد يختلف الرواة في الأحاديث على الشيخ، وهذا أمر طبيعي، ولا أحد معصوم من الخطأ حتى الإمام أحمد، وإثبات الخطأ عليه يحتاج لدليل.
اتصل بي أحد الإخوة الأحبة – وهو دائم الاتصال للاطمئنان عن الأحوال جزاه الله خيراً – وكالعادة أخذنا الوقت في الحديث، فكان مما سألني:
هل تعرف للإمام أحمد خطأ في المسند؟
فقلت له: لا.
فذكر لي أن بعضهم وقف على خطأ للإمام أحمد في حديث «مَنْ أَتَى عَرَّافًا...»، وهو أنه زاد في متنه: «فَصَدَّقَهُ»، ثم ذكر من رواه عن يحيى القطان، وقال بأن رواية مسلم ليس فيها ما ذكره الإمام أحمد، وأن ابن حجر في «الإتحاف» لم يذكر هذه الزيادة! وأن شيخاً عندهم – وهو معروف وهو شيخ فاضل – لما تعرّض لحديث أحمد قال: "بأن هذه اللفظة زيادة في «المسند» ويشك في نسبتها لأحمد؛ لأنها ليست موجودة في كل النسخ"!
فتذاكرنا هذه المسألة وفي قرارة نفسي أن أحمد يبعد أن يخطئ ويزيد مثل هذه الزيادة! ولو أن عشرة خالفوا الإمام أحمد لحكمت للإمام...
واعترضت على ما قاله شيخ أخينا أن هذه اللفظة يُشك في نسبتها لأحمد = يعني أُدخلت في كتابه! وهذا يفتح علينا باباً لا نستطيع إغلاقه! ولم يقل أحد أن هذه اللفظة ليست موجودة في بعض النسخ! بل هي في جميع نسخ «المسند».
فالدفاع عن الإمام أحمد أو صعوبة الإقرار بخطئه لا يعني أن نلجأ لمثل هذه الأمور!
فالأمر سهل ويسير: إن ثبت أن الإمام أحمد أخطأ، فنقول: أخطأ، وهذا لا يُنقص منه شيئاً، وأين هذا الخطأ الواحد أو الاثنين والثلاثة في آلاف الأحاديث التي رواها رضي الله عنه.
أقول:
الحديث في «مسند أحمد» في موضعين (27/197) (16638)، و(38/264) (23222) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِاللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا».
ورواه أَبُو بَكْرٍ الخَلَّالُ في كتاب «السنة» (4/153) (1402) عن أَبي بَكْرٍ المَرُّوذِيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حدثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا».
كذا فيه زيادة: «أو كاهناً» وهذه ليست في «المسند».
والحديث رواه الإمام مسلمٌ في «صحيحه» (4/1751) (2230) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى العَنَزِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى – يَعْنِي: ابنَ سَعِيدٍ-، عَنْ عُبَيْدِاللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».
ورواه البيهقي في «السنن الكبير» (8/238) (16510) من طريق مُوسَى بن هَارُونَ، عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى، به.
ورواه أبو عوانة في «مستخرجه على مسلم» (17/552) (9864) من طريق عبدالله بن هاشم الطوسي. وأبو نُعيم في «الحلية» (10/406)، و«تاريخ أصبهان» (2/206) من طريق أَبي بَكْرِ بنِ خَلَّادٍ. كلاهما عن يَحْيَى بن سعيد القطان، بمثل حديث محمد بن المثنى.
وأشار ابن كثير في «مسند الفاروق» (1/270) إلى أن عليّ بن المديني رواه هكذا عن يحيى القطان.
وروى البخاري في «التاريخ الأوسط» (2/59) (1789) قال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ نَافِعٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة».
ثم قال: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى وَعَبْدُاللَّهِ بنُ رَجَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، مثله.
قلت: أراد البخاري بيان أن الدراوردي أخطأ في حديث، والصواب ما رواه صدقة بن الفضل المروزي، عن يحيى القطان، وعبدالله بن رجاء، عن عبيدالله، بمثل الحديث المتقدم.
وهنا استفدنا أن صدقة روى الحديث عن يحيى أيضاً، وذكر متابعة ليحيى، تابعه عليه: عبدالله بن رجاء، عن عبيدالله.